للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا عَلَى الشَّيْءِ بِحُكْمِ مِثْلِهِ شَاهِدًا وَغَائِبًا؛ لِأَنَّ فَرْضَ خِلَافِهِ مُحَالٌ عِنْدَهُ، بِخِلَافِ الْوَضْعِيَّاتِ؛ فَإِنَّهَا لَمْ تُوضَعْ وَضْعَ النَّقْلِيَّاتِ، وَإِلَّا كَانَتْ هِيَ [هِيَ] ١ بِعَيْنِهَا؛ فَلَا تَكُونُ وَضْعِيَّةً، هَذَا خَلْفٌ، وَإِذَا لَمْ تُوضَعْ وَضْعَهَا، وَإِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى وَفْقِ الِاخْتِيَارِ الَّذِي يَصِحُّ مَعَهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الشَّيْءِ وَمِثْلِهِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الشَّيْءِ وَضِدِّهِ وَنَقِيضِهِ؛ لَمْ يَصِحَّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُقْتَنَصَ فِيهَا مَعْنًى كُلِّيٌّ عَامٌّ مِنْ مَعْنًى جُزْئِيٍّ خَاصٍّ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْخُصُوصِيَّاتِ تَسْتَلْزِمُ مِنْ حَيْثُ الْخُصُوصِ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الْعَامِّ، أَوْ مَعَانِيَ كَثِيرَةً، وَهَذَا وَاضِحُ٢ فِي الْمَعْقُولِ؛ لِأَنَّ مَا بِهِ الِاشْتِرَاكُ غَيْرُ مَا بِهِ الِامْتِيَازُ، وَإِذْ ذَاكَ لَا يَتَعَيَّنُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فِي ذَلِكَ الْخَاصِّ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ الْعَامِّ٣ دُونَ التَّعَلُّقِ بِالْخَاصِّ عَلَى الِانْفِرَادِ، أَوْ بِهِمَا مَعًا؛ فَلَا يَتَعَيَّنُ مُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ، وَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ؛ لَمْ يَصِحَّ نَظْمُ الْمَعْنَى الْكُلِّيِّ مِنْ تِلْكَ الْجُزْئِيَّاتِ إِلَّا عِنْدَ فَرْضِ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتَعَلَّقْ إِلَّا بِالْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ الْعَامِّ دُونَ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَعِنْدَ وُجُودِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ لَا يَتَبَقَّى٤ تَعَلُّقٌ بِتِلْكَ الْجُزْئِيَّاتِ فِي اسْتِفَادَةِ مَعْنًى عَامٍّ؛ لِلِاسْتِغْنَاءِ بِعُمُومِ صِيغَةِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ عَنْ هَذَا الْعَنَاءِ الطَّوِيلِ.

وَالثَّالِثُ٥: أَنَّ التَّخْصِيصَاتِ٦ فِي الشَّرِيعَةِ كَثِيرَةٌ؛ فيخص محل


١ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
٢ في "ط": "أوضح".
٣ أي: المعنى المشترك. "د".
٤ في الأصل و"ط": "يبقى".
٥ هذا الثالث ليس وجهًا مستقلًّا عن الوجهين قبله، بل هو تفصيل وإيضاح لقوله في الأول: "وَإِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى وَفْقِ الِاخْتِيَارِ الَّذِي يَصِحُّ معه.. إلخ"، فإن قيل: إن ما تقدم في تجويز ذلك وهذا في وقوع ذلك بالفعل في هذه الأمثلة، قلنا: نعم، ولكنه لم يأت بمعنى جديد، ويمكنه أن يصله بالأول على طريق ضرب الأمثلة له، وقد يقال: إنه فصله وجعله مستقلًّا لأن جوابه غير جواب الأول؛ كما أشار إليه المؤلف، وإن كان بينهما هذا الاتصال الذي أشرنا إليه. "د".
٦ في "إعلام الموقعين" "المجلد الثاني إلى ص ١٣٠" أجوبة سديدة عن أكثر ما ذكره هنا، وأثبت فيه بما لا مزيد عليه أنه لم يثبت شيء في الشريعة على خلاف القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>