للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ"١.

وَالْآثَارُ فِي هَذَا النَّحْوِ كَثِيرَةٌ.

وَبِمَا ذُكر يتبيَّن الْجَوَابُ عَنِ الْإِشْكَالِ الثَّانِي؛ فَإِنَّ عُلَمَاءَ السُّوءِ هُمُ الَّذِينَ لَا يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ، وَإِذَا لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ؛ فَلَيْسُوا فِي الْحَقِيقَةِ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا هُمْ رُوَاةٌ -وَالْفِقْهُ فِيمَا رَوَوْا أمرٌ آخَرُ- أَوْ مِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ هَوًى غَطَّى عَلَى الْقُلُوبِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ.

عَلَى أَنَّ الْمُثَابَرَةَ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، وَالتَّفَقُّهِ فِيهِ، وَعَدَمِ الِاجْتِزَاءِ بِالْيَسِيرِ مِنْهُ؛ يجرُّ إِلَى الْعَمَلِ بِهِ ويُلجئ إِلَيْهِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْحَسَنِ: "كُنَّا نَطْلُبُ الْعِلْمَ لِلدُّنْيَا؛ فجرَّنا إِلَى الْآخِرَةِ"٢.

وَعَنْ مَعْمَر؛ أَنَّهُ قَالَ: "كَانَ يُقَالُ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ يَأْبَى عَلَيْهِ الْعِلْمُ حَتَّى يُصيِّره إِلَى اللَّهِ"٣.

وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ: "طَلَبْنَا هَذَا الْأَمْرَ وَلَيْسَ لَنَا فِيهِ نية، ثم جاءت


١ أخرجه أحمد في "الزهد" "١٨٥"، وأبو داود في "الزهد" "رقم ١٨٢"، والطبراني في "الكبير" "٩/ ١٠٥/ رقم ٨٥٣٤"، وابن بطة في "إبطال الحيل" "ص٢١"، وأبو نعيم في "الحلية" "١/ ١٣١"، والبيهقي في "المدخل" "رقم ٤٨٦"، وابن عبد البر في "الجامع" "رقم ١٤٠٠، ١٤٠١"، بإسناد كلهم ثقات؛ إلا أن عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود، كما قال أئمة هذا الفن، وبالانقطاع أعله الهيثمي في "المجمع" "١٠/ ٢٣٥"؛ فإسناده ضعيف بسببه.
وذكره ابن الجوزي في "صفة الصفوة" "١/ ٤١٦".
٢ أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" "رقم ١٣٧٥" بسند فيه عبد الله بن غالب مستور، والربيع بن صبيح صدوق، سيئ الحفظ؛ كما في ترجمتيهما في "التقريب".
٣ أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" "١١/ ٢٥٦"، ومن طريقه البيهقي في "المدخل" "٥١٩"، والخطيب في "الجامع" "٧٧٤، ٧٧٥"، وابن عبد البر في "الجامع" "رقم ١٣٧٦، ١٣٧٧، ١٣٧٨، ١٣٧٩" بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>