للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّيَّةُ بَعْدُ"١.

وَعَنِ الثَّوْرِيِّ؛ قَالَ: "كُنَّا نَطْلُبُ الْعِلْمَ لِلدُّنْيَا؛ فجرَّنا إِلَى الْآخِرَةِ"٢، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي كَلَامٍ آخَرَ: "كنتُ أغبطُ الرَّجُلَ يُجتمع حَوْلَهُ، وَيُكْتَبُ عَنْهُ، فَلَمَّا ابْتُلِيتُ بِهِ؛ وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهُ كَفَافًا، لَا عَلَيَّ وَلَا لِي"٣.

وَعَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ؛ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ مُنْذُ أَكْثَرِ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً يَقُولُ: "طَلَبْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِغَيْرِ اللَّهِ؛ فَأَعْقَبَنَا اللَّهُ مَا تَرَوْنَ"٤.

وَقَالَ الْحَسَنُ: "لَقَدْ طَلَبَ أَقْوَامٌ الْعِلْمَ مَا أَرَادُوا بِهِ اللَّهَ وَمَا عِنْدَهُ فَمَا زَالَ بِهِمْ حَتَّى أَرَادُوا بِهِ اللَّهَ وَمَا عِنْدَهُ"٥؛ فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَقَدَّمَ.

فَصْلٌ:

وَيَتَصَدَّى النَّظَرُ هُنَا فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، وَمَا هِيَ.

وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِصَارِ أَنَّهَا أمرٌ بَاطِنٌ، وَهُوَ الَّذِي عُبَّر عَنْهُ بِالْخَشْيَةِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الْآيَةِ، وَعَنْهُ عَبَّرَ فِي الْحَدِيثِ فِي أَوَّلُ مَا يُرفع مِنَ الْعِلْمِ الْخُشُوعُ٦، وَقَالَ مالك: "ليس العلم بكثرة


١ أخرجه الخطيب في "الجامع" "رقم ٧٧٣"، والبيهقي في "المدخل" "٥٢١"، وابن عبد البر في "الجامع" "رقم ١٣٨٠"، وأبو نعيم في "الحلية" "٥/ ٦١" بإسناد صحيح.
٢ أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" "رقم ١٣٨١".
٣ أخرج نحوه عن الثوري بإسناد حسن ابن عبد البر في "الجامع" "رقم ٩٨٢".
٤ أخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" "٣٨"، وابن عبد البر في "الجامع" "رقم ١٣٨٢".
٥ أورده ابن عبد البر في "الجامع" "رقم ١٣٨٣".
٦ أخرجه النسائي في "الكبرى" "كتاب العلم"؛ كما في "تحفة الأشراف" "٨/ ٢١١"، وأحمد في "المسند" "٦/ ٢٦-٢٧"، والطبراني في "الكبير" "١٨/ رقم ٧٥"، و"الأوائل" "رقم =

<<  <  ج: ص:  >  >>