للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَابِتٌ، وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ وَارِثًا قِيَامُهُ مَقَامَ مَوْرُوثِهِ فِي الْبَيَانِ، وَإِذَا كَانَ الْبَيَانُ فَرْضًا عَلَى الْمَوْرُوثِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا عَلَى الْوَارِثِ أَيْضًا، وَلَا فَرْقَ فِي الْبَيَانِ بَيْنَ١ مَا هُوَ مُشْكِلٌ أَوْ مُجْمَلٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ، وَبَيْنَ أُصُولِ الْأَدِلَّةِ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا؛ فَأَصْلُ التَّبْلِيغِ بَيَانٌ لِحُكْمِ الشَّرِيعَةِ، وَبَيَانُ الْمُبَلِّغِ مِثْلُهُ بَعْدَ التَّبْلِيغِ.

وَالثَّانِي:

مَا جَاءَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُلَمَاءِ، فَقَدْ قَالَ٢: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: ١٥٩] .

{وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الْبَقَرَةِ: ٤٢] .

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} [الْبَقَرَةِ: ١٤٠] .

وَالْآيَاتُ كَثِيرَةٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ: "أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ" ٣.

وَقَالَ: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالَا؛ فَسَلَّطَهُ عَلَى هلكته


= علمًا..". وفيه: "إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وأورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
وفي بعض أسانيده ضعف وبعضها حسن في الشواهد، وللحديث شواهد يتقوى بها كما قال ابن حجر في "الفتح" "١/ ١٦٠"، قال ابن حبان عقب الحديث: "في هذا الحديث بيان واضح أن العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرنا، هم الذين يعلمون علم النبي -صلى الله عليه وسلم- دون غيره من سائر العلوم؛ ألا تراه يقول: "العلماء ورثة الأنبياء"؟ والأنبياء لم يورثوا إلا العلم، وعلم نبينا -صلى الله عليه وسلم- سنته، فمن تعرى عن معرفتها, لم يكن من ورثة الأنبياء".
١ في "ط": "وبين".
٢ فالآية الأولى ظاهرة في البيان بأصل التبيلغ، والثانية ظاهرة في بيان المبلغ، والثالثة ظاهرة في العموم. "د".
٣ أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب العلم، باب قول النبي, صلى الله عليه وسلم: "رب مبلغ أوعى من سامع"، ١/ ١٥٧-١٥٨/ رقم ٦٧"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب القسامة، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، ٣/ ١٣٠٥-١٣٠٦" عن أبي بكرة -رضي الله عنه- مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>