للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ جِبْرِيلُ حِينَ صَلَّى بِهِ١، وَكَمَا بَيَّنَ٢ الْحَجَّ كَذَلِكَ، وَالطَّهَارَةَ٣ كَذَلِكَ، وَإِنْ جَاءَ فِيهَا بَيَانٌ بِالْقَوْلِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا عُرِضَ نَصُّ الطَّهَارَةِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى عَيْنِ مَا تُلُقِّيَ بِالْفِعْلِ مِنَ الرَّسُولِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَانَ الْمُدْرَكُ بِالْحِسِّ مِنِ الْفِعْلِ٤ فَوْقَ٥ الْمُدْرَكِ بِالْعَقْلِ مِنَ النَّصِّ لَا مَحَالَةَ، مَعَ أَنَّهُ إِنَّمَا بُعِثَ لِيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ.

وَهَبْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- زَادَ بِالْوَحْيِ الْخَاصِّ أُمُورًا لَا تُدْرَكُ مِنَ النَّصِّ عَلَى الْخُصُوصِ؛ فَتِلْكَ الزِّيَادَاتُ٦ بَعْدَ الْبَيَانِ إِذَا عُرِضَتْ عَلَى النَّصِّ لَمْ يُنَافِهَا بَلْ يَقْبَلْهَا؛ فَآيَةُ الْوُضُوءِ إِذَا عُرِضَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِي الْوُضُوءِ شَمِلَهُ بِلَا شَكٍّ، وَكَذَلِكَ آيَةُ الْحَجِّ مَعَ فِعْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِيهِ، وَلَوْ تَرَكَنَا وَالنَّصَّ؛ لَمَا حَصَلَ لَنَا مِنْهُ كُلُّ ذَلِكَ، بَلْ أَمْرٌ أَقَلُّ مِنْهُ، وَهَكَذَا نَجِدُ الْفِعْلَ٧ مع


١ مضى لفظه وتخريجه في التعليق على "٣/ ٢٥٥".
٢ في حديث جابر الطويل وغيره، وفيه: "خذوا عني مناسككم"، وقد مضى تخريجه "٣/ ٢٤٦"، وقد جمع طرقه وألفاظه شيخنا الألباني -فسح الله مدته- في جزء مفرد مطبوع.
٣ كما ثبت في غير حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- توضأ، ثم قال: "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم ركع ركعتين لم يحدث فيهما نفسه؛ غفر له ما تقدم من ذنبه".
أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، ١/ ٢٥٩/ رقم ١٥٩، وكتاب الصيام، باب سواك الرطب واليابس للصائم، ٤/ ١٥٨/ رقم ١٩٣٤"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء وكماله، ١/ ٢٠٥/ رقم ٢٢٦" عن عثمان مرفوعًا، وقد خرجته بإسهاب في تعليقي على كتاب "الطهور" لأبي عبيد "رقم ١، ٢، ٣".
٤ في الأصل: "العقل".
٥ أي: أوسع بسطًا وأوضح معنى منه، فإذا فرض أنه -صلى الله عليه وسلم- زاد بفعله الذي أدركه بالوحي غير القرآني تفاصيل في الفعل لم تدرك من أصل النص القرآني؛ فهذه الأجزاء والتفاصيل الزائدة بهذا البيان الفعلي المفهوم له من الوحي الخاص إذا قيست وطبقت على النص القرآني لم ينابذها ولم ينافها، بل كان يحتملها وغيرها. "د".
٦ في "ط": "الزيادة".
٧ فإن القول مهما كان مستطيلًا في البيان لا يفي ببيان الهيئات الجزئية والكيفيات =

<<  <  ج: ص:  >  >>