للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ فَبَيَّنَ عُثْمَانُ [بْنُ عَفَّانَ] أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ، فَرَأَى الْهِلَالَ فِي خِلَافَتِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ، فَلَمْ يُفْطِرْ حَتَّى أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ١.

وَتَأَمَّلْ؛ فَعَادَةُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي "مُوَطَّئِهِ" وَغَيْرِهِ الْإِتْيَانُ بِالْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ مُبَيِّنًا بِهَا السُّنَنَ، وَمَا يُعْمَلُ بِهِ مِنْهَا وَمَا لَا يُعْمَلُ بِهِ، وَمَا يُقَيَّدُ بِهِ مُطْلَقَاتُهَا، وَهُوَ دَأْبُهُ وَمَذْهَبُهُ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

وَمِمَّا بَيَّنَ كَلَامُهُمُ اللُّغَةَ أَيْضًا، كَمَا نَقَلَ مَالِكٌ فِي دُلُوكِ الشَّمْسِ وَغَسَقِ اللَّيْلِ كَلَامَ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ٢، وَفِي مَعْنَى السَّعْيِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ٣، أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الْجُمُعَةَ: ٩] ، وَفِي مَعْنَى الْإِخْوَةِ أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ٤ أَنَّ الْإِخْوَةَ اثنان فصاعدًا٥، كما تبين بكلامهم


١ أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" "٢/ ٤٨٠, ط دار الفكر"؛ قال: "حدثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة أن الناس رأوا هلال الفطر حين زاغت الشمس؛ فأفطر بعضهم، فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: أما أنا؛ فمتم صيامي إلى الليل". وقال مالك في "الموطأ" "١/ ٢٨٧, رواية يحيى": "بلغني أن الهلال رئي في زمان عثمان بن عفان بعشي، فلم يفطر عثمان حتى أمسى، وغابت الشمس". وانظر: "الاستذكار" "١٠/ ١٩".
٢ انظر: "الموطأ" ٣٣, رواية يحيى و١/ ١٠، ١١, رواية أبي مصعب".
٣ انظر: "الموطأ" "٨٧, رواية يحيى و١/ ١٧٤-١٧٥, رواية أبي مصعب"، و"معجم ابن الأعرابي" "رقم ١١٣٤"، و"البرهان في علوم القرآن" "١/ ٢٢٢".
قال "ماء": "أي: امشوا إليه بدون إفراط في السرعة، والمراد بذكر الله هنا الخطبة، والصلاة وذروا البيع؛ أي: اتركوا المعاملة، على أن البيع مجاز عن ذلك؛ فيعم البيع والشراء والإجارة وغيرها من المعاملات".
٤ في "الموطأ" والأصل و"ط": "مضت"، وفي جميع النسخ المطبوعة: "قضت".
٥ انظر: "الموطأ" "٣١٣, رواية يحيى و٢/ ٥٢٤, رواية أبي مصعب".

<<  <  ج: ص:  >  >>