للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْنَى فِي الْجُمْلَةِ١.

أَمَّا إِذَا عُلِمَ أَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى ذَيْنِكَ الْأَمْرَيْنِ؛ فَهُمْ وَمَنْ سِوَاهُمْ فِيهِ شَرْعٌ سَوَاءٌ؛ كَمَسْأَلَةِ الْعَوْلِ، وَالْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ، وَكَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ الرِّبَا الَّتِي قَالَ فِيهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا آيَةَ الرِّبَا؛ فَدَعُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ"٢، أَوْ كَمَا قَالَ؛ فَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ لِلْجَمِيعِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ الصَّحَابَةُ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَفِيهِ خِلَافٌ٣ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا؛ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ وَرَأْيَهُ حُجَّةً يَرْجِعُ إِلَيْهَا وَيَعْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ؛ كَالْأَحَادِيثِ وَالِاجْتِهَادَاتِ النَّبَوِيَّةِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ؛ فَلَا يُحْتَاجُ إلى ذكره ههنا.


١ وإنما قال: "في الجملة"؛ لأنه لا دلالة فيه على عموم الاقتداء في كل ما يقتدي فيه، فيمكن حمله على الاقتداء بهم فيما يرونه عنه -صلى الله عليه وسلم- وليس الحمل على غيره أولى من الحمل عليه كما قال الآمدي. "د".
٢ أخرجه أحمد في "المسند" "١/ ٣٦"، وابن ماجه في "السنن" "كتاب التجارات، باب التغليظ في الربا، ٢/ ٧٦٤/ رقم ٢٢٧٦"، وابن حزم في "المحلى" "٨/ ٤٧٧"، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" "١/ ٣٦٥" لابن جرير وابن المنذر، وهو من طريق سعيد بن المسيب عن عمر، وهو لم يسمع منه، وله طرق أخرى به يصح، انظر: "مسند الفاروق" "٢/ ٥٧١"، لابن كثير، و"صحيح سنن ابن ماجه" "٢/ ٢٨".
٣ قد علمته، وقوله: "كالأحاديث"؛ أي: فيقدم مذهبه على القياس، وممن ذهب إليه مالك والشافعي وابن حنبل في قول لهما وهو رأي الرازي وبعض أصحاب أبي حنيفة. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>