وقد تكون معرفة أسباب نزول الآية أو أسباب ورود الحديث ضرورية؛ لأن الحكم الوارد على سبب قد يكون لفظًا عامًّا، ويقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورة ذلك السبب؛ فإن دخول صورة السبب قطعي، وإخراج السبب بحكم التخصيص بالاجتهاد ممنوع بالاتفاق؛ كما قاله الباقلاني في "التقريب", ونقله عنه السيوطي في "الإتقان" "١/ ٢٨"، والغزالي في "المستصفى" "٢/ ٦١"، وقد ذكر علاء الدين الكناني في "سواد الناظر وشقائق الروض الناضر" "٢/ ٤٢٧, مضروبة على الآلة الكاتبة، رسالة دكتوراه" من فوائد نقل السبب أمورًا أخرى غير التي ذكرها المصنف، منها بيان أخصية السبب بالحكم؛ فيمتنع تخصيص الحكم بالسبب؛ لأن دخول السبب في العام قطعي، ولا يصح إخراج محل السبب بالتخصيص لأمرين: أحدهما: أنه يلزم من تأخير البيان عن وقت الحاجة، ذكر هذا الزركشي في "البرهان" "١/ ٢٣". الثاني: فيه عدول عن محل النازلة أو محل السؤال، وهذا يؤدي إلى التباس الحكم على السائل أو من ورد في حقه الحكم. - ومنها: معرفة تأريخ الحكم بمعرفة تأريخ السبب ليعرف الناسخ والمنسوخ. - ومنها: توسعة علم الشريعة بمعرفة الأحكام بأسبابها، فيفتح ثواب المصنفين في تأريخ النزول، وثواب المجتهدين بالنظر في ذلك، والرجوع إلى حكم الناسخ وترك المنسوخ. - ومنها: التأسي بوقائع السلف؛ فيخف أمر اللعان مثلًا على من أراده تأسيًا بهم. - ومنها: أن معرفة السبب تساعد على معرفة المراد من النص، قال في "المسودة" "ص٢٣١": "فجهات معرفة مراد المتكلم ثلاثة في كلام الشارع وكلام العباد: =