للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَبْطِشُوا بِرَجُلٍ مِنْهُمْ. فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى بَاطِنَ الْأَمْرِ بِقَوْلِهِ: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً ... } إِلَى قَوْلِهِ: {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} [الْمُدَّثِّرِ: ٣١] .

وَقَالَ: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [الْمُنَافِقُونَ: ٨] ؛ فَنَظَرُوا إِلَى ظَاهِرِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا١، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [الْمُنَافِقُونَ: ٨] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ... } الْآيَةَ [لُقْمَانَ: ٦] لَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ هُدًى لِلنَّاسِ وَرَحْمَةٌ لِلْمُحْسِنِينَ، نَاظَرَهُ٢ الْكَافِرُ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بِأَخْبَارِ فَارِسَ وَالْجَاهِلِيَّةِ وَبِالْغِنَاءِ٣؛ فَهَذَا هُوَ عَدَمُ الِاعْتِبَارِ لِبَاطِنِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ.

وَقَالَ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ}


١ يومئ المصنف إلى مقولة عبد الله بن أبي، أخرج البخاري في "صحيحه" "كتاب التفسير، باب سورة "المنافقون"، ٨/ ٦٤٤/ رقم ٤٩٠٠-٤٩٠٤" عن زيد بن أرقم؛ قال: "كنت في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي -أو لعمر- فذكره للنبي -صلى الله عليه وسلم- فدعاني فحدثته، فأرسل رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصدقه، فأصابني هم لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومقتك؟ فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُون} ، فبعث إليّ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقرأ؛ فقال: "إن الله قد صدقك يا زيد".
٢ لعله: "وناظره". "ف". وفي "ط": "ناظره الكفار".
٣ الخبر بالتفصيل عند الواحدي في "الوسيط" "٣/ ٤٤٠-٤٤١"، و"أسباب النزول" "٢٣٢-٢٣٣"، وعزاه السيوطي في "لباب النقول" "ص١٦٩" لجويبر عن ابن عباس، وكذا فعل في "الدر المنثور" "٦/ ٥٠٤"، وعزاه فيه أيضًا إلى البيهقي في "الشعب" "٤/ ٥١٩٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>