للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٤٧

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ١ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: ٩٦] : "بَاطِنُ الْبَيْتِ قَلْبُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُؤْمِنُ بِهِ مَنْ أَثْبَتَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ التَّوْحِيدَ وَاقْتَدَى بِهِدَايَتِهِ".

وَهَذَا التَّفْسِيرُ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ؛ فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ، وَلَا فِيهِ مِنْ جِهَتِهَا وَضْعٌ مَجَازِيٌّ مُنَاسِبٌ، وَلَا يُلَائِمُهُ٢ مَسَاقٌ بِحَالٍ؛ فَكَيْفَ هَذَا؟

وَالْعُذْرُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ٣ لِلْقُرْآنِ؛ فَزَالَ الْإِشْكَالُ إِذًا، وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، وَلَا بُدَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ بَيَانِهَا٤.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}


= ومما يدل على ذلك ما أخرجه البيهقي عن أبي عبد الله المغربي؛ قال: ففكر إبراهيم في شأن آدم -عليه السلام- فقال: يا رب! خلقته بيدك، ونفخت فيه من روحك، وأسجدت له ملائكتك، ثم بذنب واحد ملأت أفواه الناس من ذكر معصيته! فأوحى الله تعالى إليه: يا إبراهيم! أما علمت أن مخالفة الحبيب على الحبيب شديدة؟ وبالجملة لا ينبغي لأحد أن ينسب إليه العصيان اليوم، ولا أن يخبر به؛ إلا أن يكون تاليًا أو راويًا له عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأما أن يكون مبتدأ من قبل نفسه فلا. وقد صرح القاضي أبو بكر بن العربي وارتضاه القرطبي بعدم جواز نسبة العصيان للآباء إلينا المماثلين لنا؛ فكيف يجوز نسبته للآباء الأقدام، والنبي المقدم الأكبر، وقد قيل بمثل ذلك في نسبة المتشابهات إليه تعالى. "ف".
قلت: وانظر "٣/ ٥٤٨" ما قدمناه عن "حسنات الأبرار ... ".
١ في تفسيره "تفسير القرآن العظيم" "ص٤١"، وفيه بدل "واقتدى بهدايته": "من النبي".
٢ أي: فهو فاقد للشرطين المتقدمين في التفسير. "د".
٣ أي: بل معنى إشاري. "د".
٤ وسيأتي البيان في المسألة العاشرة، وأنه إذا كان الاعتبار من الأمر الوجودي الخارج عن القرآن كهذا؛ فإنه يلزم التوقف فيه متى لم تتحقق الشروط المتقدمة. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>