للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَارِيَةِ؛ فَلَا يَلِيقُ بِالْفَقِيرِ الِاسْتِكْبَارُ عَلَى مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي النَّشْأَةِ وَالْخَلْقِ، فَهَذَا كُلُّهُ كَالتَّنْكِيتِ عَلَيْهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْقَصَصَ فِي قَوْمِ نُوحٍ: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} [الْمُؤْمِنُونَ: ٢٤] ، وَالْمَلَأُ هُمُ الْأَشْرَافُ.

وَكَذَلِكَ فِيمَنْ بَعْدَهُمْ: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ} الْآيَةَ [الْمُؤْمِنُونَ: ٣٣] .

وَفِي قِصَّةِ مُوسَى: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: ٤٧] .

وَمِثْلُ هَذَا الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لِشَرَفِهِمْ فِي قَوْمِهِمْ قَالُوا هَذَا الْكَلَامَ، ثُمَّ قَوْلُهُ: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ ... } إِلَى قَوْلِهِ: {لَا يَشْعُرُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: ٥٤-٥٦] رُجُوعٌ إِلَى وَصْفِ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا تَشَرَّفُوا بِالْمَالِ وَالْبَنِينَ؛ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ لَهُ الشَّرَفُ مَنْ كَانَ عَلَى هَذَا الْوَصْفِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: ٥٧] .

ثُمَّ رَجَعَتِ الْآيَاتُ١ إِلَى وَصْفِهِمْ فِي تَرَفِهِمْ وَحَالِ مَآلِهِمْ، وَذِكْرِ النِّعَمِ عليهم، والبراهين عل صِحَّةِ النُّبُوَّةِ، وَأَنَّ مَا قَالَ عَنِ اللَّهِ حَقٌّ مِنْ إِثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ وَأُمُورِ الدَّارِ الْآخِرَةِ لِلْمُطِيعِينَ وَالْعَاصِينَ، حَسْبَمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ وَالْوَصْفُ لِلْفَرِيقَيْنِ؛ فَهَذَا النَّظَرُ إِذَا اعْتُبِرَ كُلِّيًّا٢ فِي السُّورَةِ وُجِدَ عَلَى أَتَمَّ مِنْ هَذَا الْوَصْفِ، لَكِنْ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَطَرِيقِهِ، وَمَنْ أَرَادَ الاعتبار٣ في


١ أي: من قوله: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ... } إلخ. "د".
٢ أي: إن بيانه لذلك إجمالي لا تفصيلي، ولو أنه اعتبر التفصيل الكلي لكان ظهور ارتباط أجزاء السور بعضها ببعض، وأنها لبيان الأمور الثلاثة التي ذكرها أولًا أوضح مما قال. "د".
٣ في نسخة "د": "الاختيار".

<<  <  ج: ص:  >  >>