٢ قد ثبت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبض ولم يفسر من القرآن إلا قليلًا جدًّا، وهذا وحده يجعل كل منصف يقول: أشهد أن محمدًا رسول الله، إذ لو كان صلى الله عليه وسلم فسر للعرب بما يحتمله زمنهم وتطيقه أفهامهم؛ لجمد القرآن جمودًا تهدمه عليه الأزمنة والعصور بآلاتها ووسائلها؛ فإن كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- نص قاطع، ولكنه ترك تاريخ الإنسانية يفسر كتاب الإنسانية؛ فتأمل حكمة ذلك السكوت؛ فهي إعجاز لا يكابر فيه إلا من قلع مخه من رأسه، قاله الرافعي في "إعجاز القرآن" "ص١٤, الهامش"، دار الكتاب العربي، الطبعة الثالثة. ٣ لما رأى أهل السنة أن أهل البدعة والباطل جعلوا يؤولون القرآن بالهوى ويحملون النصوص على غير مرادها؛ تحرجوا الاشتغال بالأقاويل في التفسير؛ إلا ما روي عن الصحابة والتابعين، ولا شك أنهم لم يريدوا بذلك إلا سدًّا لأبواب الفتنة، وكان ذلك هو الطريق، فإن التأويل إذا لم يؤسس على قواعده التي تكون فارقة بين الحق والباطل؛ لم يمنع عن القول بالرأي المحض. =