ومدار إسناد الحديث على الحارث بن عمرو، قال الترمذي عقبه: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه". فتحرير حاله وبيان أصحاب معاذ، وهل هم الذين رفعو الحديث أم رووه عن معاذ وهو الذي رفعه، هذه الأمور هي الفيصل في الحكم على الحديث. الكلام على الحارث بن عمرو: قال ابن عدي في "الكامل" "٢/ ٦١٣": "سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة، عن أصحاب معاذ عن معاذ، روى عنه أبو عون، لا يصح ولا يعرف، والحارث بن عمرو وهو معروف بهذا الحديث الذي ذكره البخاري عن معاذ لما وجهه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن فذكره" انتهى بحروفه. قلت: المتمعن في هذا النقل يتأكد له ما قاله الترمذي من أن حديث معاذ لا يعرف إلا من طريق الحارث هذا، ووجدت الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في "التاريخ الكبير" "٢/ ١/ ١٧٧، ٢٧٥"، يقول في الحارث وحديثه هذا: "لا يصح ولا يعرف إلا بهذا". ونقله عنه العقيلي في "الضعفاء الكبير" "١/ ٢١٥"، وارتضاه بسكوته عنه، وكذلك فعل الحافظ ابن كثير القرشي في "تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب" "ص١٥٢". وجهل الحارث بن عمرو جماعة من أهل العلم؛ منهم ابن الجوزي؛ فقال في "العلل المتناهية" "٢/ ٢٧٢": " ... ثبوته لا يعرف لأن الحارث بن عمرو مجهول ... "، وقال الجورقاني في "الأباطيل" "١/ ١٠٦": "هذا حديث باطل، رواه جماعة عن شعبة عن أبي عون الثقفي عن الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة كما أوردناه، واعلم أنني تصفحت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت من لقيته من أهل العلم بالنقل عنه، فلم أجد له طريقًا غير هذا، والحارث بن عمرو هذا مجهول". قلت: وقال بنحو كلام الجورقاني هذا شيخه ابن طاهر القيسراني في تصنيف مفرد في طرق هذا الحديث، ونقل خلاصة كلامه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" "٤/ ١٨٣"؛ فقال: "اعلم أنني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت عنه من لقيته من أهل =