للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ؛ كَحَدِيثِ مُعَاذٍ: "بِمَ تَحْكُمُ؟ " قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: "فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ " قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ: "فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ " قَالَ: أجتهد رأيي١, الحديث.


= ثم نقول: هل يصح القول بالتعارض بين الدليلين فضلًَا عن القول بإهدار أحدهما بعد الاعتراف بأن أحدهما بيان والآخر مبين، وبعد التعبير عنهما بهذين العنوانين؟
وأما قولك فيما لم يكن بيانًا: إنه لا يعتبر إلا بعد أن لا يوجد في الكتاب؛ فلا شك أن مرادك: أن لا يوجد في الكتاب ما يخالفه، فإن أردت ما يخالفه قطعًا؛ سلمنا لك ذلك، ولكن هذا لا يستلزم ضعف السنة عن الكتاب، بل هذا أمر لا بد منه في جميع أنواع الوحي، حتى بين الآيات بعضها مع بعض؛ لأنه لا يمكن المخالفة بين أحكام الله تعالى مطلقًا.
وإن أردت ما يخالفه ظنًّا؛ لم نسلم لك اشتراط عدم وجوده في القرآن، بل قد يوجد كما توجد مثل هذه المخالفة بين الآيتين؛ ويجب تأويل أحد الدليلين حينئذ والجمع بينهما لئلا يهدر الآخر بلا مرجح.
١ أخرجه أحمد في "المسند" "٥/ ٢٣٠، ٢٣٦، ٢٤٢" وأبو داود في "السنن" "كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء، ٤/ ١٨-١٩/ رقم ٣٥٩٢"، والترمذي في "الجامع" "أبوب الأحكام، باب ما جاء في القاضي كيف يقضي، ٣/ ٦١٦/ رقم ١٣٢٧"، والدارمي في "السنن" "المقدمة، باب الفتيا وما فيه من الشدة، ١/ ٦٠"، والطيالسي في "المسند" "١/ ٢٨٦, منحة المعبود"، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" "٢/ ٣٤٧، ٥٨٤"، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" "ص١٥٤-١٥٥، ١٨٨-١٨٩"، وابن عبد البر في "جامع البيان" "٢/ ٥٥-٥٦"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "١٠/ ١١٤" و"معرفة السنن والآثار" "١/ ١٧٣-١٧٤"، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" "٢/ ٢٧٢"، والجورقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير" "١/ ١٠٥-١٠٦/ رقم ١٠١"، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" "١/ ٢١٥"، وعبد بن حميد في "المنتخب" "١٢٤"، وابن حزم في "الإحكام في أصول الأحكام" "٦/ ٢٦، ٣٥ و٧/ ١١١-١١٢"، من طرق عن شعبة عن أبي عون الثقفي؛ قال: سمعت الحارث بن عمرو يحدث عن أصحاب معاذ من أهل حمص أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له ... وذكره، وذكر بعضهم أن شعبة قال في الحارث: "ابن أخي المغيرة بن شعبة".
ورجال إسناد الحديث ثقات إلى الحارث بن عمرو؛ فأبو عون اسمه محمد بن عبيد الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>