للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ؛ إِذْ يُفتح لِلْمُتَعَلِّمِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا لَا يُفْتَحُ لَهُ دُونَهُمْ، وَيَبْقَى ذَلِكَ النُّورُ لَهُمْ بِمِقْدَارِ مَا بَقُوا فِي مُتَابَعَةِ مُعَلِّمِهِمْ، وَتَأَدُّبِهِمْ مَعَهُ، وَاقْتِدَائِهِمْ بِهِ؛ فَهَذَا الطَّرِيقُ نَافِعٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.

وَقَدْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُونَ لَا يَكْتُبُ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَكَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ، وَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ١؛ فَقِيلَ لَهُ: فَمَا نَصْنَعُ؟ قَالَ: تَحْفَظُونَ وَتَفْهَمُونَ حَتَّى تَسْتَنِيرَ قُلُوبُكُمْ، ثُمَّ لَا تَحْتَاجُونَ إِلَى الْكِتَابَةِ، وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَرَاهِيَةُ الْكِتَابَةِ، وَإِنَّمَا تَرَخَّصَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عِنْدَمَا حَدَثَ النِّسْيَانُ، وخِيفَ عَلَى الشَّرِيعَةِ الِانْدِرَاسُ.

الطَّرِيقُ الثَّانِي:

مُطَالَعَةُ كُتُبِ الْمُصَنِّفِينَ وَمُدَوِّنِي الدَّوَاوِينَ، وَهُوَ أَيْضًا نَافِعٌ فِي بَابِهِ؛ بِشَرْطَيْنِ:

الْأَوَّلُ:

أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مِنْ فَهْمِ مَقَاصِدِ ذَلِكَ الْعِلْمِ الْمَطْلُوبِ، وَمَعْرِفَةِ اصْطِلَاحَاتِ أَهْلِهِ؛ مَا يَتِمُّ لَهُ بِهِ النَّظَرُ فِي الكتب، وذلك يحصل بالطريق الأول، ومن مُشَافَهَةِ الْعُلَمَاءِ، أَوْ مِمَّا هُوَ رَاجِعٌ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: "كَانَ الْعِلْمُ


= مطبوعة ضمن "الحاوي للفتاوى"، واعتنى بها عناية جيدة ابن شبة في "تاريخ المدينة"، وذكر طرفا منها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" "ص٩٧ وما بعدها، ترجمة عمر".
وكتب "خ" هنا ما نصه: "بيان الثلاث في بقية هذا الأثر المروي في "صحيح البخاري"، وهي آية الحجاب، وآية {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، وآية: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} ، ولا بدع أن ينطق الفاروق بما يوافق الوحي؛ فإن الشرائع تنزل لبيان الحقائق والإرشاد إلى المصالح، وكثير من القضايا والوقائع لا يلتبس على ذوي البصائر النقية والمدارك الراقية وجه كونها حقا أو مصلحة".
١ كان يكره الكتابة، ويقول: "لا تكتبوا "يعني ما يفتيهم به"؛ فلعله يتغير رأيي، فتذهب الكتابة إلى الأقطار قبل أن يستقر الحكم؛ فيحصل للناس بذلك ضرر، وإلا؛ فقد دون "الموطأ". "د". قلت: وانظر ما سيأتي "٥/ ٣٣٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>