٢ قال في "تبصرة الحكام" في القسم الثاني من الركن السادس في كيفية القضاء "١/ ٩٨: "إن علم القضاء يدور على معرفة المعي من المدعى عليه؛ لأنه أصل مشكل، وأنهم لم يختلفوا في حكم كل منهما، ولكن الكلام في تمايزهما، ولهم في تحديدهما عبارات كثيرة: منها أن الأول من إذا ترك الخصومة ترك، أو من لا يستند قوله إلى مصدق، أو من لا يكون قوله على وفق أصل أو عرف، والثاني ما ليس كذلك؛ غير أن الأنظار تضطرب لتعارض الأحوال من عرف أو غالب أو أصل وهكذا، مثاله يتيم بلغ رشيدًا طلب من الوصي تسليمه ماله الذي تحت يده؛ فاليتيم طالب، وإذا ترك ترك، والأصل أمانة الوصي على مال اليتيم؛ فهذا كله يفهم منه أن اليتيم هو المدعي، والوصي مدعى عليه، ولكن الوصي أيضًا مدعٍ أنه سلم المال، واليتيم مدعى عليه التسلم، ومعلوم اختلاف الحكم باختلاف الاعتبارين، وما حل الإشكال إلا الرجوع لآية: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] التي يؤخذ منها أن الوصي لا يؤتمن في التسليم إلا بالإشهاد، وإن كان مؤتمنًا في نفس الإنفاق، وبذلك كان مجرد قوله: "سلمت" دعوى على اليتيم بلا بينة، واليتيم هو المدعى عليه؛ فيحلف اليمين ويستحق المال، قال القاضي شريح: "وَلِيت القضاء وعندي أني لا أعجز عن معرفة ما يتخاصم فيه إليَّ، فأول ما ارتفع إلى خصمان أشكل على من أمرهما من المدعي ومن المدعى عليه؟ " ا. هـ. ملخصًا.