للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ كَتَبَ إِلِيَّ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَغْرِبِ١ فِي فَصْلٍ يَتَضَمَّنُ "مَا يَجِبُ عَلَى طَالِبِ الْآخِرَةِ النَّظَرُ فِيهِ، وَالشُّغْلُ بِهِ"، فَقَالَ فِيهِ: "وَإِذَا شَغَلَهُ شَاغِلٌ عَنْ لَحْظَةٍ فِي صَلَاتِهِ؛ فَرَّغَ سِرَّهُ مِنْهُ، بِالْخُرُوجِ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ يُساوي خَمْسِينَ أَلْفًا كَمَا فَعَلَهُ الْمُتَّقُونَ".

فَاسْتَشْكَلْتُ هَذَا الْكَلَامَ، وَكَتَبْتُ إِلَيْهِ بِأَنْ قُلْتُ٢: أَمَّا أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِتَفْرِيغِ السِّرِّ مِنْهُ؛ فَصَحِيحٌ، وَأَمَّا أَنَّ تَفْرِيغَ السِّرِّ بِالْخُرُوجِ عَنْهُ وَاجِبٌ؛ فَلَا أَدْرِي مَا هَذَا الْوُجُوبُ؟ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا بِإِطْلَاقٍ؛ لَوَجَبَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ الْخُرُوجُ عَنْ ضِيَاعِهِمْ، وَدِيَارِهِمْ، وقُراهم، وَأَزْوَاجِهِمْ، وَذُرِّيَّاتِهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ٣ مما يقع لهم


= مشكلات المسائل من شيوخه وغيرهم؛ كالقباب، وقاضي الجماعة الفشتالي، والإمام ابن عرفة، والولي الكبير أبي عبد الله بن عباد؛ فجرى له معهم أبحاث ومراجعات أجلت عن ظهوره فيها"، وأفاد ناسخ الأصل كما سيأتي أن ابن عرفة كتب للشاطبي في مسألة "مراعاة الخلاف"، ونقل عن "نوازل البرزالي" ذلك.
قلت: وفي "المعيار المعرب" "٦/ ٣٨٧" ما يدل عليه وعلى أن أبا العباس القباب باحثه في ذلك، ثم وجدت في "الاعتصام" "٢/ ١٤٦" قوله: "فأجابني بعضهم بأجوبة منها الأقرب والأبعد، إلا أني راجعت بعضهم بالبحث، وهو أخي ومفيدي أبو العباس بن القباب -رحمة الله عليه- فكتب إلي ما نصه ... ".
وأورد الونشريسي في "المعيار" "١٢/ ٢٩٣" مراسلة بين المصنف والشيخ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن مالك بن إبراهيم بن يحيى بن عباد النفزي النفري في علم التصوف ومدى ضرورة الشيخ في ذلك.
١ هو ابن القباب كما صرح به الونشريسي في "المعيار المعرب" "١١/ ٢٠".
٢ في "ط": "قلت له".
٣ وهذا منتهى الحرج للأفراد، وتكليف الجميع به تكليف بما لا يطاق، وهو أيضا مخالف لما يقصده الشرع من المحافظة على الضروريات والحاجيات ... إلخ؛ فهو جار على غير استقامة. "د". وانظر رد المصنف على القشيري في مسألة الاشتراط على المريد أن يخرج من ماله في: "الاعتصام" "١/ ٢١٤-٢١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>