للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:

الِاقْتِدَاءُ بِالْأَفْعَالِ الصَّادِرَةِ مِنْ١ أَهْلِ الِاقْتِدَاءِ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ المقتدى به بالأفعال٢ مِمَّنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى عِصْمَتِهِ كَالِاقْتِدَاءِ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ فِعْلِ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ أَوْ مَا يُعْلَمُ٣ بِالْعَادَةِ أَوْ بِالشَّرْعِ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَاطَئُونَ عَلَى الْخَطَأِ؛ كَعَمَلِ٤ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى رَأْيِ مَالِكٍ.

وَالثَّانِي: مَا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ.

فَأَمَّا الثَّانِي؛ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْتَصِبَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنْ يُقْتَدَى بِهِ قَصْدًا؛ كَأَوَامِرِ الْحُكَّامِ وَنَوَاهِيهِمْ، وَأَعْمَالِهِمْ فِي مَقْطَعِ الْحُكْمِ، مِنْ أَخْذٍ وَإِعْطَاءٍ وَرَدٍّ وَإِمْضَاءٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ٥ يَتَعَيَّنُ بِالْقَرَائِنِ قَصْدُهُ إِلَيْهِ تَعَبُّدًا بِهِ وَاهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ دِينًا وَأَمَانَةً.

وَالْآخَرُ: أن لا يَتَعَيَّنَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

فَهَذِهِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ، لَا بُدَّ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاقْتِدَاءِ.

فَالْقَسَمُ الْأَوَّلُ لَا يَخْلُو أَنْ يَقْصِدَ الْمُقْتَدِي إِيقَاعَ الْفِعْلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَوْقَعَهُ٦ عَلَيْهِ الْمُقْتَدَى بِهِ، لَا يَقْصِدُ بِهِ إِلَّا ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلَيْهِ أَفَهِمَ مَغْزَاهُ أَمْ لا،


١ في الأصل و"ط": "عن".
٢ كذا في "ط"، وفي غيره: "بالأفعال".
٣ واقعة موقع "من"؛ فهو داخل فيمن الدليل على عصمته. "د".
٤ في الأصل و"ف" و"م" و"ط": "وعمل"، وكتب "ف": "لعله: "كعمل أهل المدينة"، والمثبت من "د".
٥ صنف آخر من أحد الضربين، وقوله: "والآخر.. إلخ" هو الضرب الثاني؛ فلا هو ممن دل الدليل على عصمته، ولا هو ممن انتصب للاقتداء أو تعيين قصده؛ فلذا كانت الأقسام ثلاثة فقط. "د". وفي "ط": "ويتعين".
٦ كذا في "ط" و"ماء"، وفي "م": دلة"، وفي "م" و"ف": وقعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>