للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ جُمْلَةً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ دَعَوُا الدَّعْوَةَ الْمَضْمُونَةَ الْإِجَابَةِ لَهُمُ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فِي أُمَّتِهِ" ١ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بِالدُّنْيَا جَائِزٍ لَهُمْ، وَهُوَ الدُّعَاءُ عَلَيْهِمْ؛ كَقَوْلِهِ: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: ٢٦] ، حسبما نقله المفسرون٢، وكان من


= في دبر الصلاة، "اللهم إني أعوذ بك من الكفر، والفقر، وعذاب القبر". فكنت أقولهن، فقال أبي: أي بني! عمن أخذت هذا؟ قلت: عنك. قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقولهن في دبر الصلاة.
وما أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب القدر، باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء ١١/ ٥١٣/ رقم ٦٦١٦" عن أبي هريرة مرفوعًا: "تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء".
وأخرجه البخاري في "صحيحه" "أيضًا في "كتاب الدعوات، باب التعوذ من جهد البلاء ١١/ ١٤٨/ رقم ٦٣٤٧" عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الاعداء".
وأخرجه بنحوه مسلم في "صحيحه" "كتاب الذكر والدعاء، باب من التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره ٤/ ٢٠٨٠/ رقم ٢٧٠٧".
١ هو صدر الحديث السابق، وسيأتي الكلام على قوله في "أمته" من جهة الرواية ومن جهة المعنى. "د".
٢ ذهب ابن العربي في "أحكامه" "٤/ ١٨٦١" -وتبعه القرطبي في "تفسيره" "١٨/ ٣١٣"- إلى أن دعاء نوح عليه السلام على قومه كان "غضبًا بغير نص ولا إذن صريح في ذلك"، ولم يبين هنا هل استجيب لنوح أم لا، وبينه في مواضع أخر، منها قوله: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَه} وكذلك في قوله تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} ، بقى الدليل الذي يعين أن دعوت عليه السلام المستجابة هي المذكورة، لم أظفر بأحد من المفسرين تعرض لذلك، وذلك على خلاف قول المصنف، وقد نظرت في تفسير الآية عند الزمخشري، والآلوسي، والبقاعي، وابن كثير، والجلالين، وحواشيه، وابن عطية، وابن الجوزي، والقرطبي، والقاسمي، والشنقيطي، ولكن سيأتي أن في رواية مسلم: "دعاها لأمته"، و"مستجابة في أمته"، وهذا يرجح ما ذكره المصنف هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>