للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا شِمَالًا، فَإِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ؛ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ -وَكَانَ أَحْمَرَ- فَيَصْفَرُّ، وَيُنَكِّسُ رَأْسَهُ وَيُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: "مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ"، فَرُبَّمَا سُئِلَ عَنْ خَمْسِينَ مَسْأَلَةً؛ فَلَا يُجِيبُ مِنْهَا فِي وَاحِدَةٍ، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُجِيبَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَلْيَعْرِضْ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَ عَلَى الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَكَيْفَ يَكُونُ خَلَاصُهُ فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ يُجِيبُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ١: "لَكَأَنَّمَا مَالِكٌ وَاللَّهِ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ؛ وَاقِفٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ".

وَقَالَ٢: "مَا شَيْءٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أُسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْقَطْعُ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَلَقَدْ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ بِبَلَدِنَا وَإِنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ كَأَنَّ الْمَوْتَ أَشْرَفَ عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ أَهْلَ زَمَانِنَا هَذَا يَشْتَهُونَ الْكَلَامَ فِيهِ وَالْفُتْيَا، وَلَوْ وَقَفُوا عَلَى مَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ غَدًا لَقَلَّلُوا مِنْ هَذَا، وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعَلِيًّا وَعَامَّةَ خِيَارِ الصَّحَابَةِ كَانَتْ تَرِدُ عَلَيْهِمُ الْمَسَائِلُ وَهُمْ خَيْرُ الْقَرْنِ الَّذِي بُعِثَ فِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا يَجْمَعُونَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْأَلُونَ، ثُمَّ حِينَئِذٍ يُفْتُونَ فِيهَا، وَأَهْلُ زَمَانِنَا هَذَا قَدْ صَارَ فَخْرُهُمُ الْفُتْيَا؛ فَبِقَدْرِ ذَلِكَ يُفْتَحُ لَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ".

قَالَ٣: "وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ وَلَا مَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِنَا الَّذِينَ يُقتدى بِهِمْ


١ وكذا في "ترتيب المدارك" "١/ ١٤٤"، وفي "د": "مسألة والله".
٢ وكذا في "ترتيب المدارك" "١/ ١٤٤-١٤٥"، وفيه: ".... كأن هذا هو.. وعلقمة -وهو خطأ- خيار الصحابة..... تتردد عليهم المسائل. ويسألون حينئذ ثم.......".
٣ نقله عياض في "ترتيب المدارك" "١/ ١٤٥"، وفيه: "مضى ولا من سلفنا ... ويعول ... أكره كذا وأحب ... ".
وذكره ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" "٢/ ١٠٧٥/ رقم ٢٠٩١"؛ قال: "وذكر ابن وهب وعتيق بن يعقوب أنهما سمعا مالك بن أنس يقول.... "وذكر نحوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>