للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُعَوَّلُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُولُوا: هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ، وَلَكِنْ يَقُولُ: أَنَا أَكْرَهُ كَذَا، وَأَرَى كَذَا وَأَمَّا حَلَالٌ وَحَرَامٌ؛ فَهَذَا الِافْتِرَاءُ عَلَى اللَّهِ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ} الْآيَةَ [يُونُسَ: ٥٩] ؛ لِأَنَّ الْحَلَالَ مَا حَلَّلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالْحَرَامَ مَا حَرَّمَاهُ".

قَالَ مُوسَى بْنُ دَاوُدَ١: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: "لَا أُحْسِنُ" مِنْ مَالِكٍ، وَرُبَّمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لَيْسَ نُبْتَلَى بِهَذَا الْأَمْرِ، لَيْسَ هَذَا بِبَلَدِنَا"، وَكَانَ٢ يَقُولُ لِلرَّجُلِ يَسْأَلُهُ، اذْهَبْ حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِكَ، قَالَ الرَّاوِي: فَقُلْتُ: إِنَّ الْفِقْهَ مِنْ بَالِهِ٣ وَمَا رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَّا بِالتَّقْوَى.

وَسَأَلَ٤ رَجُلٌ مَالِكًا عَنْ مَسْأَلَةٍ -وَذَكَرَ أَنَّهُ أُرْسِلَ فِيهَا مِنْ مَسِيرَةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْمَغْرِبِ- فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرِ الَّذِي أَرْسَلَكَ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لِي بِهَا. قَالَ: وَمَنْ يَعْلَمُهَا؟ قَالَ: مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ. وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ اسْتَوْدَعَهُ إِيَّاهَا أَهْلُ الْمَغْرِبِ؛ فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا ابْتُلِينَا بِهَذِهِ المسألة ببلدنا، ولا سمعنا أحدا من


١ نقله عنه عياض في "ترتيب المدارك" "١/ ١٤٥"، وليس فيه: "ليس نبتلى بهذا الأمر".
٢ في "ترتيب المدارك" "١/ ١٤٥": "قال مروان بن محمد: كنت أرى مالكًا يقول للرجل ... "وذكره"، وفيه: "من بابه".
٣ أي معروف عنده، ولكنه لورعه يريد التثبت، وهذا نوع من التقوى الموجبة لرضى الله عن عبده ورفعه في أعين خلقه. "د".
٤ في "ترتيب المدراك" "١/ ١٤٥-١٤٦": "قال ابن مهدي: سأل رجل مالكًا" ... و"ذكره"، وفيه: "تكلم بها ولكن ... جاءه.... بغلة يقودها ... ".
وأسنده إلى ابن مهدي ابنُ أبي حاتم في "مقدمة الجرح والتعديل" "ص١٨"، والآجري في "أخلاق العلماء" "ص١٣٤"، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" "٢/ ١٧٤"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" "٢/ ٨٣٨/ رقم ١٥٧٣":، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" "رقم ٨١٦"، وأبو نعيم في "الحلية" "٦/ ٣٢٣" بألفاظ متقاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>