للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَشْهَبُ١: "وَرَآنِي أَكْتُبُ جَوَابَهُ فِي مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: لَا تَكْتُبْهَا؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي أَثْبُتُ عَلَيْهَا أَمْ لَا".

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ٢: "سَمِعْتُهُ يَعِيبُ كَثْرَةَ الْجَوَابِ مِنَ الْعَالِمِ حِينَ يُسأل، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ عِنْدَمَا يُكْثَرُ عَلَيْهِ مِنَ السُّؤَالِ يَكُفُّ، وَيَقُولُ: حَسْبُكُمْ! مَنْ أَكْثَرَ أَخْطَأَ، وَكَانَ يَعِيبُ كَثْرَةَ ذَلِكَ، وَقَالَ: يَتَكَلَّمُ كَأَنَّهُ جَمَلٌ مُغْتَلِمٌ٣ يَقُولُ: هُوَ كَذَا هُوَ كَذَا يُهْدِرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عِرَاقِيٌّ عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ دَجَاجَةً مَيِّتَةً فَخَرَجَتْ مِنْهَا بَيْضَةٌ، فَأَفْقَسَتِ الْبَيْضَةُ عِنْدَهُ عَنْ فَرْخٍ: أَيَأْكُلُهُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: سَلْ عَمَّا يَكُونُ، وَدَعْ مَا لَا يَكُونُ. وَسَأَلَهُ آخَرُ عَنْ نَحْوِ هَذَا فَلَمْ يُجِبْهُ؛ فَقَالَ لَهُ: لِمَ لَا تُجِيبُنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! فَقَالَ٤: لَوْ سَأَلْتَ عَمَّا تَنْتَفِعُ بِهِ أَجَبْتُكَ".

وَقِيلَ لَهُ٥: إِنَّ قُرَيْشًا تَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَذْكُرُ فِي مَجْلِسِكَ آبَاءَهَا وَفَضَائِلَهَا. فَقَالَ: "إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ فِيمَا نَرْجُو بَرَكَتَهُ".

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ٦: "كَانَ مَالِكٌ لَا يَكَادُ يُجِيبُ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَحْتَالُونَ أَنْ يَجِيءَ رَجُلٌ بِالْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُحِبُّونَ أَنْ يَعْلَمُوهَا كَأَنَّهَا مَسْأَلَةُ بَلْوَى، فَيُجِيبُ فِيهَا".

وَقَالَ٧ لِابْنِ وَهْبٍ: "اتَّقِ هَذَا الْإِكْثَارَ وَهَذَا السَّمَاعَ الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ أن


١ مثله في "ترتيب المدارك" "١/ ١٥٠".
٢ أخرجه الدوري "فيما رواه الأكابر" "٣٦، ٥٣"، بنحون، ومثله في "ترتيب المدارك" "١/ ١٥٠"/ وزاد: "يعني: الرجل الذي يجلس لهذا".
٣ [أي] : هائج. "ف" و"م".
٤ في "ترتيب المدارك" "١/ ١٥٠" زيادة "له".
٥ في "ترتيب المدارك" "١/ ١٥١": "قال ابن المعدل: قيل لمالك: إن قريشًا ... ".
٦ مثله في "ترتيب المدراك" "١/ ١٥١". وفي "ط": "أن يتعلموها".
٧ مثله في "ترتيب المدارك" "١/ ١٥١"، وفيه: "اتق هذه الآثار، وهذا السماع ... فقال [له] ... لأعرفه لأحَدِّث. فقال: ما سمع ... إلا تحد َّث به، وعلى ذكر القدر وسعت".

<<  <  ج: ص:  >  >>