للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّلِيلَيْنِ إِلَى الْمُجْتَهِدِ، وَمِنْهُ تَعَارُضُ الْعَلَامَاتِ١ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُخْتَلِفَةِ، كَمَا إِذَا انْتُهِبَ نَوْعٌ مِنَ الْمَتَاعِ يَنْدُرُ وُجُودُ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ الِانْتِهَابِ؛ فَيُرَى مِثْلُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَرِعٍ؛ فِيَدُلُّ صَلَاحُ ذِي الْيَدِ عَلَى أَنَّهُ حَلَالٌ، وَيَدُلُّ نُدُورُ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ النَّهْبِ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ؛ فَيَتَعَارَضَانِ، وَمِنْهُ تَعَارُضُ الْأَشْبَاهِ الجارَّة إِلَى الْأَحْكَامِ الْمُخْتَلِفَةِ؛ كَالْعَبْدِ؛ فَإِنَّهُ آدَمِيٌّ، فَيَجْرِي مَجْرَى الْأَحْرَارِ فِي الْمِلْكِ، وَمَالٌ فَيَجْرِي مَجْرَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ فِي سَلْبِ الْمِلْكِ، وَمِنْهُ تَعَارُضُ الْأَسْبَابِ؛ كَاخْتِلَاطِ الْمَيْتَةِ بِالذَّكِيَّةِ، وَالزَّوْجَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ؛ إِذْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَطَرَّقَ إِلَيْهَا احْتِمَالُ وُجُودِ السَّبَبِ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَرِّمِ، وَمِنْهُ تَعَارُضُ الشُّرُوطِ؛ كَتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ؛ إِذْ قُلْنَا: إِنَّ الشَّهَادَةَ شَرْطٌ فِي إِنْفَاذِ الْحُكْمِ؛ فَإِحْدَاهُمَا تَقْتَضِي إِثْبَاتَ أَمْرٍ، وَالْأُخْرَى تَقْتَضِي نَفْيَهُ، وَكَذَلِكَ مَا جَرَى مَجْرَى [هَذِهِ] ٢ الْأُمُورِ دَاخِلٌ فِي حُكْمِهَا.

وَوَجْهُ التَّرْجِيحِ فِي هَذَا الضَّرْبِ غَيْرُ٣ مُنْحَصِرٍ؛ إِذِ الْوَقَائِعُ الْجُزْئِيَّةُ النوعية


= وإن كان يعني أنه يتكلم من أول الأمر على تعارض آخر غير ما ذكره الأصوليون وهو تعارض ليس باعتبار الأدلة في أنفسها، بل باعتبار المناط، وهو ما يشير إليه قوله: "تعارض -عليها- الدليلان"، وقوله: "كما يصح تعارضها -على ذلك الترتيب"؛ فهو صحيح، لكن يرد عليه أن تعارض الدليلين بهذا المعنى موجود بعينه في تعارض العلامات وما معه، كما يرشد إليه قوله بعد: "وَحَقِيقَةُ النَّظَرِ الِالْتِفَاتُ إِلَى كُلِّ طَرَفٍ مِنَ الطرفين ... إلخ"، وصنيعه هنا يوهم خلاف ذلك، وأن تعارض العلامات وما معها ليس من جنس ما قبله، وقد يجاب بأن هذه الأنواع وإن اشتركت في أن الكل من باب التعارض الواقع على واسطة بين الطرفين، لكن المنظور إليه في النوع الأول حصول التعارض بين دليلي الطرفين، وفي الأنواع حصل التعارض أولًا وبالذات بين علامتي الطرفين أو سببيهما ... إلخ"، وهو إن كان يلزم منه تعارض دليليهما على تلك الواسطة؛ لكن ليس هو نفس تعارض الدليلين؛ فلذلك جعله في معنى تعارض الدليلين؛ لأنه يَئُول إليه. "د".
١ في نسخة "ماء": "المعاملات".
٢ ما بين المعقوفتين سقط من "د".
٣ أي: بخلاف وجوه الترجيح في التعارض الواقع بين نفس الدليلين؛ فقد حصرها =

<<  <  ج: ص:  >  >>