للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:

فَنَقُولُ: لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فِي هَذَا الضَّرْبِ صُوَرٌ:

إِحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ فِي جِهَةٍ كُلِّيَّةٍ مَعَ جِهَةٍ جُزْئِيَّةٍ [تَحْتَهَا] ١؛ كَالْكَذِبِ الْمُحَرَّمِ مَعَ الْكَذِبِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَقَتْلِ الْمُسْلِمِ الْمُحَرَّمِ مَعَ الْقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ بِالزِّنَى؛ فَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْجُزْئِيُّ رُخْصَةً فِي ذَلِكَ الْكُلِّيِّ، أَوْ لَا.

وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ فَقَدْ مَرَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَا يُقْتَبَسُ مِنْهُ الْحُكْمُ٢ تَعَارُضًا وَتَرْجِيحًا، وَذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَكِتَابِ الْأَدِلَّةِ؛ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّكْرَارِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَقَعَ فِي جِهَتَيْنِ جُزْئِيَّتَيْنِ، كِلْتَاهُمَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ كُلِّيَّةٍ وَاحِدَةٍ؛ كَتَعَارُضِ حَدِيثَيْنِ٣، أَوْ قِيَاسَيْنِ، أَوْ عَلَامَتَيْنِ٤ عَلَى جُزْئِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَثِيرًا مَا يَذْكُرُهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ٥ فِيهِ الْجَمْعُ، وَلَكِنْ وَجْهُ النَّظَرِ فِيهِ أَنَّ التَّعَارُضَ إِذَا ظَهَرَ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: "إِمَّا الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ بِالْإِهْمَالِ"؛ فَيَبْقَى الْآخَرُ هُوَ الْمُعْمَلُ لَا غَيْرَ؛ وذلك لا يصح إلا مع


١ ما بين المعقوفتين سقط من "م".
٢ ومحصله إعمال الدليلين، كما سبق في مسألة شرب العسل لصاحب الصفراء في كتاب الأدلة. "د".
٣ وانظر لِمَ لم يذكر تعارض آيتين؟ ولعله لا يقول بتعارضهما لأنهما قطعيتان، ولكن التعارض واقع باعتبار الدلالة الظنية، وللحديثين المتواترين حكم الآيتين، وقد أطلق في الحديثين، وقد عرفت أن الكلام في التعارض صورة فقط لا في التعارض الحقيقي؛ لأنه لا يقع في الشريعة مطلقًا؛ فلا فرق بين القطعي وغيره. "د".
٤ أي: كما صنع هو في تعارض العلامتين، وقد توسع هنا في العلامة؛ فجعلها شاملة للسببين والشبهين، إلى غير ذلك مما يكون فيه تحقيق المناط. "د".
٥ أي: مع أن هذه الصورة قد تكون مما يمكن فيه ذلك؛ كما يذكره في الأمر الثاني. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>