للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْضِ١ إِبْطَالِهِ بِكَوْنِهِ مَنْسُوخًا، أَوْ تَطْرِيقِ غَلَطٍ أَوْ وَهْمٍ فِي السَّنَدِ أَوْ فِي الْمَتْنِ إِنْ كَانَ خَبَرَ آحَادٍ، أَوْ كَوْنِهِ مَظْنُونًا يُعَارِضُ مَقْطُوعًا بِهِ٢، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ الْقَادِحَةِ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ، وَإِذَا فُرِضَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لَمْ يُمْكِنْ فَرْضُ اجْتِمَاعِ الدَّلِيلَيْنِ٣ فَيَتَعَارَضَا، وَقَدْ سَلَّمُوا أَنَّ أَحَدَهُمَا [إِذَا كَانَ] مَنْسُوخًا لَا يُعَدُّ مُعَارِضًا، فَكَذَلِكَ ما في معناه٤؛ فالحكم إذن لِلدَّلِيلِ الثَّابِتِ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ كَمَا لَوِ انْفَرَدَ عَنْ مُعَارِضٍ مِنْ أَصْلٍ، "وَالْأَمْرُ الثَّانِي الْحُكْمُ عليهما معا بالإعمال"٥، ويلزم من هذا أن لا يَتَوَارَدَ الدَّلِيلَانِ عَلَى مَحَلِّ التَّعَارُضِ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ مَعَ فَرْضِ إِعْمَالِهِمَا فِيهِ، فَإِنَّمَا يَتَوَارَدَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَإِذْ ذَاكَ يَرْتَفِعُ التَّعَارُضُ أَلْبَتَّةَ؛ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْإِعْمَالَ تَارَةً يَرِدُ عَلَى مَحَلِّ التَّعَارُضِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ فِي رَأْيِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ أَعْمَلَ حُكْمَ الْمِلْكِ لَهُ مِنْ وَجْهٍ، وَأَهْمَلَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ، وَتَارَةً يَخُصُّ٦ أَحَدَ الدَّلِيلَيْنِ؛ فَلَا يَتَوَارَدَانِ على محل التعارض معًا، بل يعمل


١ كلامه -كما عرفت- قاصر على ما يتأتى فيه القدح في اعتبار الدليل، ولا يشمل ما إذا ترجح فقط أحد الدليلين المتعارضين بالمرجحات المشهورة مع بقاء الاعتراف بصحة الدليل المهمل، مع أن هذا النوع هو الذي عليه معظم باب التعادل والترجيح عندهم. "د".
٢ هذا على رأي؛ والتحقيق ما عرفته من أنه يتأتى التعارض بين الكتاب والسنة لأنه ليس المراد به التناقض والتعارض الحقيقي، بل التعارض في الشرعيات صوري فقط، وبذلك نسخت السنة الكتاب وخصصته.. إلخ، ولا يعد كون السنة مظنونة المتن قدحًا فيها في مقابلة قطعي الكتاب الظني الدلالة؛ إلا أن يكون مراده به الدليل المقطوع به من جميع الوجوه إذا قابله ظني. "د".
٣ كذا في "ط"، وفي غيره: "دليلين".
٤ أي: من طريق الغلط والوهم..... إلخ، ما أشار إليه. "د".
٥ راجع كتب الأصول، ففيها من هذا النوع كثير من الأمثلة. "د".
٦ أي: فيُعْمِل الدليلين، لكن يخص كل واحد منهما ببعض الجزئيات، بضم قيود أو رفع بعضها؛ كما تقدم في تحقيق المناط الخاص، وكما تقدم لنا في حديث "خير الشهود"، حيث حمل كل على محل خاص به من حق الله وحق الآدمي، وسيأتي له تمثيل في التيمم. "د". =

<<  <  ج: ص:  >  >>