للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة العاشرة: مرتبة العفو

يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ١ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مَرْتَبَةُ الْعَفْوِ؛ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنَ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ، هَكَذَا عَلَى الْجُمْلَةِ٢، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَوْجُهٌ:

أَحَدُهَا: ٣

مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مَعَ الْقَصْدِ إِلَى الْفِعْلِ، وَأَمَّا دُونَ ذَلِكَ؛ فَلَا، وَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حُكْمٌ مِنْهَا، مَعَ وِجْدَانِهِ مِمَّنْ شَأْنُهُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ؛ فَهُوَ مَعْنَى الْعَفْوِ الْمُتَكَلِّمِ فِيهِ؛ أَيْ: لَا مُؤَاخَذَةَ بِهِ.

وَالثَّانِي: ٤

مَا جَاءَ مِنَ النَّصِّ عَلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ عَلَى الْخُصُوصِ؛ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَعَفَا عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ لَا عن نسيان؛ فلا تبحثوا عنها" ٥.


١ لما كان لهذه المرتبة شبه بالحلال؛ لأنه لا طلب يتعلق بها ولا إثم في فعلها، وشبه بالحرام؛ لأن مثلها لو تعلق به حكم لكان اللوم والذم، قال: "يقع بين الحلال والحرام، وليس لها شبه بما يطلب من الواجب والمندوب رأسا". "د".
٢ لما لم يحكم عليها إلا بأنها غير الخمسة، ولم يقل: إنها حكم شرعي سادس، أو ليست حكما؛ قال: "على الجملة"، وسيأتي الإشارة إليه آخر المسألة. "د".
٣ الدليل قاصر على خصوص بعض النوع الثاني من أنواع مواضع مرتبة العفو المذكورة في الفصل الثاني: ولا يدل على الباقي, وسيأتي في الفصل الأول ما يصح أن يكون دليلا على البعض الباقي من النوع الثاني؛ حيث يقول: "ومنها الترجيح بين الدليلين عند تعارضها" إلخ. "د".
٤ هذا الدليل قاصر على النوع الثالث من مراتب العفو الآتية في الفصل الثاني. "د".
٥ أخرجه الدارقطني في "السنن" "٤/ ١٨٣-١٨٤" والطبراني في "الكبير" "٢٢/ ٢٢١-٢٢٢/ رقم ٥٨٩"، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" "٢/ ٩"، والبيهقي في "الكبرى" "١٠ =

<<  <  ج: ص:  >  >>