للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: "مَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ؛ فَهُوَ مِمَّا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ" ١، وَكَانَ يُسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ لَمْ يُحَرَّمْ٢؛ فَيَقُولُ: عَفْوٌ، وَقِيلَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؟ فَقَالَ: العفو "يعني: لا يؤخذ مِنْهُمْ زَكَاةٌ"٣.

وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: "أَحَلَّ اللَّهُ حَلَالًا, وَحَرَّمَ حَرَامًا، فَمَا أَحَلَّ؛ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ؛ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ؛ فَهُوَ عَفْوٌ" ٤.

وَالثَّالِثُ٥: مَا يَدُلُّ عَلَى هذا المعنى في الجملة؛ كقوله تعالى:


١ أخرج أبو داود في "السنن" "كتاب الأطعمة، باب ما لم يذكر تحريمه، ٣/ ٣٥٤-٣٥٥/ رقم ٣٨٠٠" بإسناد صحيح عن ابن عباس؛ قال: " ... وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه؛ فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وَتَلَا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} " إلى آخر الآية.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" "٤/ ١١٥"، وابن مردويه؛ كما في "تفسير ابن كثير" "٢/ ١٨٤"، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ؛ كما في "الدر المنثور" "٣/ ٣٧٢".
وفي الباب عن سلمان -واختلفوا في رفعه ووقفه- وعن غيره، انظره مبسوطا في "سنن سعيد بن منصور" "٢/ ٣٢٠-٣٣٠/ رقم ٩٤" مع التعليق عليه للشيخ سعد آل حميد، وفقه الله لكل خير.
٢ أي: فيه شبهة الحرمة، ولم يرد فيه تحريم بل سكت عنه. "د".
٣ إن كان معناه أنه لا تؤخذ منهم زكاة بمقتضى النص؛ فليس مما نحن فيه ولا محل لذكره، وإن كان معناه أنه مما سكت عنه؛ فلا تؤخذ الزكاة لذلك كان لذكره وجه, وقد يقال: إنه يرجع إلى قاعدة أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أو لا. "د".
٤ ذكره عن عبيد بن عمير, ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" "٢/ ١٥٢".
٥ هذا الدليل خاص ببعض النوع الثاني كما في حديث: "أكل عام"، وبالنوع الثالث، وقد انتهى به مقام الاستدلال ولم يجئ فيه بما يدل على النوع الأول، وهو الوقوف مع مقتضى الدليل المعارض وإن قوي معارضه. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>