للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلِاخْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ وَجْهُ الصِّحَّةِ هُوَ الْأَقْوَى، فَمَنْ نَظَرَ إِلَى أَنَّهُ نِكَاحٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ الْقَابِلِ لَهُ -كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ- لَمْ يُمْنَعْ، وَمَنْ نَظَرَ إِلَى أَنَّهُ -لَمَّا كَانَ لَهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ أَوْ كَانَ مَظِنَّةً لِذَلِكَ- أَشْبَهَ النِّكَاحَ الْمُؤَقَّتَ؛ لَمْ يَجُزْ، هَذَا وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَحْكِ فِي مَسْأَلَةِ نِكَاحِ الْبِرِّ خِلَافًا؛ فَقَدْ غَمَزَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ، وَهَذَا كَافٍ فِيمَا فِيهِ مِنَ الشُّبْهَةِ؛ فَالْمَوْضِعُ مَجَالُ نَظَرِ الْمُجْتَهِدِينَ.

وَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ؛ وَجَدْنَا نِكَاحَ الْبِرِّ نِكَاحًا مَقْصُودًا لِغَرَضِهِ الْمَقْصُودِ، لَكِنْ عَلَى أَنْ يَرْفَعَ حُكْمَ الْيَمِينِ، وَكَوْنُهُ مَقْصُودًا بِهِ رَفْعُ الْيَمِينِ يَكْفِي بِأَنَّهُ قُصِدَ لِلنِّكَاحِ الْمَشْرُوعِ الَّذِي تَحِلُّ بِهِ الْمَرْأَةُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَقَاصِدِهِ؛ إِلَّا أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ رَفْعَ الْيَمِينِ، وَهَذَا غَيْرُ قَادِحٍ، وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ لِقَضَاءِ الوَطَر مَقْصُودٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْوَطَرِ مِنْ مَقَاصِدِهِ عَلَى الْجُمْلَةِ١، وَنِيَّةُ الْفِرَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرٌ خَارِجٌ إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنَ الطَّلَاقِ الَّذِي جَعَلَ الشَّارِعُ لَهُ، وَقَدْ يَبْدُو لَهُ فَلَا يُفَارِقُ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ؛ فَإِنَّهُ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ بانٍ عَلَى شَرْطِ التَّوْقِيتِ.

وَكَذَلِكَ نِكَاحُ التَّحْلِيلِ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ مَا يُقْصَدُ بِالنِّكَاحِ، إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ تَحْلِيلُهَا لِلْمُطَلِّقِ الْأَوَّلِ بِصُورَةِ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيْرِهِ، لَا بِحَقِيقَتِهِ، فَلَمْ يَتَضَمَّنْ غرضا


١ في الأصل: "الشرع".

<<  <  ج: ص:  >  >>