للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَغْرَاضِهِ الَّتِي شُرِعَ لَهَا.

وَأَيْضًا، فَمِنْ حَيْثُ كَانَ لِأَجْلِ الْغَيْرِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْبَقَاءُ مَعَهَا عُرْفًا أَوْ شَرْطًا؛ فَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ نِكَاحًا يُمْكِنُ اسْتِمْرَارُهُ.

وَأَيْضًا؛ فَالنَّصُّ١ بِمَنْعِهِ عَتِيدٌ٢، فَيُوقَفُ عِنْدَهُ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ تَرَاوُضٌ٣ وَلَا شَرْطٌ، وَكَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْقَاصِدَ لِذَلِكَ؛ فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يُصَحِّحُ هَذَا النِّكَاحَ اعْتِبَارًا بِأَنَّهُ قاصد للاستمتاع عَلَى الْجُمْلَةِ، ثُمَّ الطَّلَاقَ؛ فَقَدْ قَصَدَ عَلَى الْجُمْلَةِ مَا يُقْصَدُ بِالنِّكَاحِ مِنْ أَغْرَاضِهِ الْمَقْصُودَةِ، وَيَتَضَمَّنُ٤ ذَلِكَ الْعَوْدَ إِلَى الْأَوَّلِ إِنِ اتُّفِقَ، على قول، ولا يتضمنه على قول،


١ "لعن الله المحلل والمحلل له"، ولعل هذا هو الوجه الوجيه، وإلا؛ فالتعليق أشد منه بعدا عن صحة التسبب؛ لأنه لا يترتب عليه مقصد من مقاصد النكاح، بخلاف نكاح التحليل الذي لا بد فيه من الوطء، وقد يبدو له؛ فلا يفارق كما حصل كثيرا، فيكون كقضاء الوطر، ولكن ورد النص فيه بخصوصه لمعنى خاص ومفسدة أخلاقية رأى الشارع دفعها بتحريمه، وأنت إذا تأملت قوله بعد: "إذا لم يكن تَرَاوُضٌ وَلَا شَرْطٌ وَكَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْقَاصِدَ؛ فإن بعض العلماء يصحح النكاح اعتبارا بأنه ... إلخ" تعلم وجه ما قلنا، وأن مسألة المنع لا ترجع إلى عدم وجود منافع النكاح الشرعية؛ لأنها حاصلة على الجملة، ولا إلى القصد؛ لأنه مع حصول القصد من الزوج وهو صاحب الشأن صح النكاح، فالكلام في هذا التراوض المهين للزوج والزوجة والمحلل المؤدي إلى انحطاط الأخلاق وقبول الجميع ما يشبه الزنى بمن تعتبر زوجة للأول وحرما له حتى في هذا الوقت نفسه في نظرهم، وهذا أمر يصح أن يرجع فيه للوجدان ليعلم مقدار ما يصيب الكرامة وعزة النفس من جزائه. "د" قلت: سيأتي تخريج حديث: "لعن الله المحلل ... " "ص٤٢٩".
٢ أي: حاضر مهيأ. انظر: "لسان العرب " "ع ت د".
٣ أي: كلام بين الطرفين للاتفاق. انظر: "لسان العرب" "ر وض".
٤ أي: يتضمن نكاح التحليل -مع مقاصد النكاح الأصلية- قصده أن تعود إلى الزوج الأول إن كان هناك اتفاق وشرط، وقال بعضهم: بل لا يتضمن حتى مع الشرط، وإنما هو أمر تبعي وليس مقصودا أصليا؛ فلا يمنع صحة العقد. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>