للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحَقِّهَا؛ فَالنَّظَرُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَشْبَاهِهَا مِنْ جِهَةِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ خَارِجٌ عَنْ مَقْصُودِ الْمَسْأَلَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي هُوَ الْمَقْصُودُ، وَهُوَ الدَّاخِلُ تَحْتَ خِطَابِ الْوَضْعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ؛ فَلَيْسَ لِلشَّارِعِ قَصْدٌ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَانِعٌ، وَلَا فِي عَدَمِ تَحْصِيلِهِ؛ فَإِنَّ المِدْيَان لَيْسَ بِمُخَاطَبٍ بِرَفْعِ الدَّيْن إِذَا كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ لِتَجِبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، كَمَا أَنَّ مَالَكَ النِّصَابِ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِتَحْصِيلِ الِاسْتِدَانَةِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ، وَإِنَّمَا مَقْصُودُ الشَّارِعِ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا حَصَلَ ارْتَفَعَ مُقْتَضَى السَّبَبِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ وَضْعَ السَّبَبِ مُكَمَّلَ الشُّرُوطِ، يَقْتَضِي قَصْدَ الْوَاضِعِ إِلَى تَرَتُّبِ الْمُسَبَّبِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ؛ لَمْ يَكُنْ مَوْضُوعًا عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ، وَقَدْ فُرِضَ كَذَلِكَ، هَذَا خَلْفٌ، وَإِذَا ثَبَتَ قَصْدُ الْوَاضِعِ إِلَى حُصُولِ الْمُسَبَّبِ؛ فَفَرْضُ الْمَانِعِ مَقْصُودًا لَهُ أَيْضًا إِيقَاعُهُ قَصْدٌ إِلَى رَفْعِ تَرَتُّبِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَاصِدٌ إِلَى نَفْسِ التَّرَتُّبِ، هَذَا خَلْفٌ، فَإِنَّ الْقَصْدَيْنِ مُتَضَادَّانِ، وَلَا هُوَ أَيْضًا قَاصِدٌ إِلَى رَفْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَاصِدًا إِلَى ذَلِكَ؛ لَمْ يُثْبِتْ فِي الشَّرْعِ مَانِعًا.

وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَاصِدًا إِلَى رَفْعِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَانِعٌ؛ لَمْ يَثْبُتْ حُصُولُهُ مُعْتَبَرًا شَرْعًا، وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرُ؛ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ جَرَيَانِ حُكْمِ السَّبَبِ، وَقَدْ فُرِضَ كَذَلِكَ، وَهُوَ عَيْنُ التَّنَاقُضِ.

فَإِذَا تَوَجَّهَ قَصْدُ الْمُكَلَّفِ إِلَى إِيقَاعِ الْمَانِعِ أَوْ إِلَى رفعه؛ ففي ذلك تفصيل، وهي:

<<  <  ج: ص:  >  >>