للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة:

فَلَا يَخْلُو أَنْ يَفْعَلَهُ أَوْ يَتْرُكَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ خِطَابِ التَّكْلِيفِ؛ مَأْمُورًا بِهِ، أَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ، أَوْ مُخَيَّرًا فِيهِ، أَوْ لَا.

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ؛ فَظَاهِرٌ؛ كَالرَّجُلِ يَكُونُ بِيَدِهِ١ لَهُ نِصَابٌ، لَكِنَّهُ يَسْتَدِينُ لِحَاجَتِهِ إِلَى ذَلِكَ، وَتَنْبَنِي الْأَحْكَامُ عَلَى مُقْتَضَى حُصُولِ الْمَانِعِ.

وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَهُ مَثَلًا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مَانِعًا، قَصْدًا لِإِسْقَاطِ حُكْمِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا اقْتَضَاهُ؛ فَهُوَ عَمَلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ النَّقْلِ أُمُورٌ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ, جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا} الْآيَةَ [الْقَلَمِ: ١٧] ؛ فَإِنَّهَا تَضَمَّنَتِ الْإِخْبَارَ بِعِقَابِهِمْ عَلَى قَصْدِ التَّحَيُّلِ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ، بِتَحَرِّيهُمُ الْمَانِعَ مِنْ إِتْيَانِهِمْ وَهُوَ وَقْتُ الصُّبْحِ الَّذِي لَا يُبَكِّرُ فِي مِثْلِهِ الْمَسَاكِينُ عَادَةً٢، وَالْعِقَابُ إِنَّمَا يَكُونُ لِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ.

وَقَوْلُهُ [تَعَالَى] ٣: {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [الْبَقَرَةِ: ٢٣١] ، نَزَلَتْ بِسَبَبِ مُضَارَّةِ الزَّوْجَاتِ بِالِارْتِجَاعِ أَنْ لا ترى بعده زوجا آخر مطلقا٤،


١ كلمة "بيده" ليست في "م" و"خ".
٢ يعني: فالمانع عادي، وليس بشرعي حتى ينطبق عليه تعريف المانع الذي هو موضوع هذه المباحث، وهو ما اقتضى حكمة تنافي حكمة السبب، وعليه فما وجه ذكره هنا؟ إلا أن يقال: إن العقاب على تحصيل المانع العادي يفيد أن تحصيل المانع الشرعي قصدا مثله؛ فإن القصد في كل الوصول إلى موجب الحرمان. "د".
٣ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
٤ هذا إنما يظهر حسبما كان عليه الأمر قبل نزول آية: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} ؛ فقد كانوا يطلقون ويرتجعون لا إلى حد، يضارون الزوجات بذلك، فلا يضمنها الرجل إليه ولا يدعها تتزوج طول حياتها. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>