للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى جُزْئِيٍّ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ الْكُلِّيِّ.

فَصْلٌ:

وَقَدْ تُطْلَقُ الرُّخْصَةُ عَلَى مَا اسْتُثْنِيَ مِنْ أَصْلٍ كُلِّيٍّ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مُطْلَقًا، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِكَوْنِهِ لِعُذْرٍ شَاقٍّ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَرْضُ، وَالْقِرَاضُ، وَالْمُسَاقَاةُ، وَرَدُّ الصَّاعِ مِنَ الطَّعَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ، وَبَيْعُ العريَّة بِخَرْصِهَا تَمْرًا، وَضَرْبُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ قَوْلُهُ: "نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا ليس عندك"١،


١ أخرج أحمد في "المسند" "٢/ ١٧٤، ١٧٨-١٧٩، ٢٠٥"، والطيالسي في "المسند" "٢٢٥٧"، وأبو داود في "السنن" "كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده/ رقم ٣٥٠٤"، والترمذي في "الجامع" "أبواب البيوع، باب كراهية بيع ما ليس عندك/ رقم ١٢٣٤"، والنسائي في "المجتبى" "كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، ٧/ ٢٨٨"، وابن ماجه في "السنن" "كتاب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عندك، ٢/ ٧٣٧-٧٣٨/ رقم ٢١٨٨"، والدارمي في "السنن" "٢/ ٢٥٣"، وابن الجارود في "المنتقى" "رقم ٦٠١"، والدارقطني في "السنن" "٣/ ١٥"، والحاكم في "المستدرك" "٢/ ١٧"، والبيهقي في "الكبرى" "٥/ ٣٣٩-٣٤٠، ٣٤٨" بإسناد صحيح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا بلفظ: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك ".
وصححه الحاكم، وقال الترمذي: "حسن صحيح"، ولفظ الطيالسي: "نهى عن سلف وبيع".
وكتب "خ" ما نصه: "أبقى أكثر أهل العلم هذا الحديث وهو قوله, عليه الصلاة والسلام: "لا تبع ما ليس عندك" على ما يقتضيه لفظه من العموم، وجعلوا السلم مستثنى منه بالأدلة الدالة على جوازه، وذهب ابن القيم في "إعلام الموقعين" إلى أن المراد من الحديث النهي عن بيع العين المعينة وهي لم تزل في ملك الغير، أو بيع ما لا يقدر على تسليمه وإن كان في الذمة، وصرح بأن جعل السلم داخلا في الحديث من قبيل التوهم، والفرق بين طريقة الجمهور وهذه الطريقة أن ابن القيم يجعل الحديث من قبيل العام الذي أريد به الخصوص، والجمهور يجعلونه من العام المخصوص، ويقولون مع هذا: إن بين السلم وبين بقية الصور الممنوعة وجها من الفرق يستدعي الاختلاف في الحكم؛ فكلام ابن القيم إنما يطعن في قول من صرح بأن السلم مخالف للقياس، ونفي أن يكون هناك فارق بين بيع الإنسان ما لا يملكه ولا هو مقدور له وبين المضمون في الذمة المقدور على تسليمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>