للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهَكَذَا سَائِرُ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا النَّمَطِ.

فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا:

إِنَّ الْأَدِلَّةَ الْمَنْقُولَةَ دَلَّتْ عَلَى تَرْكِ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا إِيجَابًا، وَلَكِنْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُيِّرَ بَيْنَ الْمُلْكِ وَالْعُبُودِيَّةِ؛ فَاخْتَارَ الْعُبُودِيَّةَ١، وَخُيِّرَ فِي أَنْ تَتْبَعَهُ جِبَالُ تِهَامَةَ ذَهَبًا وفضة؛ فلم يختر ذلك٢، وكان


١ أخرج هناد في "الزهد" "رقم ٧٩٦" ثنا أبو الأحوص عن عطاء بن السائب عن الشعبي؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "خيرني ربي -عز وجل- أن أكون نبيا ملكا، أو نبيا عبدا، فلم أدر ما أقول، وكان صفيي من الملائكة جبريل، فنظرت إليه؛ فقال بيده: أن تواضع؛ قال: فقلت: نبيا عبدا".
وإسناده ضعيف؛ لأنه مرسل؛ إلا أن أحمد أخرجه في "مسنده" "٢/ ٢٣١"، وأبو يعلى في "مسنده" ١٠/ ٤٩١/ رقم ٦١٠٥"، وابن حبان في "صحيحه" "١٤/ ٢٨٠/ رقم ٦٣٦٥- الإحسان"، والبزار في "مسنده" "رقم ٢٤٦٢- زوائده" من طريق محمد بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة به نحوه.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين, وصححه الهيثمي في "مجمع الزوائد" "٩/ ١٨"، وله شواهد من حديث عائشة وابن عباس ومن مرسل الحسن والزهري وغيرهما.
انظر: "السلسلة الصحيحة" "رقم ١٠٠٢"، و"فتح الباري" "٩/ ٥٤١"، و"الإصابة" "٤/ ٥١٦".
٢ أخرج الترمذي في "الجامع" "أبواب الزهد، باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه/ رقم ٢٣٤٨"، ونعيم بن حماد في "زياداته على الزهد" "رقم ١٩٦"، وأحمد في "المسند" "٥/ ٢٥٤", وابن سعد في "الطبقات الكبرى" "١/ ٣٨١", وأبو نعيم في "الحلية" "٨/ ١٣٣"، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" "١/ ٣٢٤/ رقم ٤٢٧" من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة رفعه:
"عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا؛ فقلت: لا, ولكن أشبع يوما وأجوع يوما "أو قال ثلاثا: ونحو هذا"، فإذا جعت؛ تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت؛ حمدتك وشكرتك".
وإسناده ضعيف جدا، ابن زحر وعلي بن يزيد -وهو الألهاني- كلاهما ضعيف، قال ابن حبان في "المجروحين" في ترجمة الأول: "منكر الحديث جدا، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لا يكون متن ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم؛ فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة، بل التنكب عن رواية عبيد الله بن زحر على جميع الأحوال أولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>