للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ ١:

كُلُّ تَكْمِلَةٍ فَلَهَا- مِنْ حَيْثُ هِيَ تَكْمِلَةٌ- شَرْطٌ، وَهُوَ: أَنْ لَا يَعُودَ اعْتِبَارُهَا عَلَى الْأَصْلِ بِالْإِبْطَالِ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ تَكْمِلَةٍ يُفْضِي اعْتِبَارُهَا إِلَى رَفْضِ أَصْلِهَا، فَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهَا عِنْدَ ذَلِكَ٢، لِوَجْهَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِي إِبْطَالِ الْأَصْلِ إِبْطَالَ التَّكْمِلَةِ، لِأَنَّ التَّكْمِلَةَ مَعَ مَا كَمَّلَتْهُ كَالصِّفَةِ مَعَ الْمَوْصُوفِ، فَإِذَا كَانَ اعْتِبَارُ الصِّفَةِ يُؤَدِّي إِلَى ارْتِفَاعِ الْمَوْصُوفِ، لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ ارْتِفَاعُ الصِّفَةِ أَيْضًا، فَاعْتِبَارُ هَذِهِ التَّكْمِلَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُؤَدٍّ إِلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهَا، وَهَذَا مُحَالٌ لَا يُتَصَوَّرُ، وَإِذَا لَمْ يُتَصَوَّرْ، لَمْ تُعْتَبَرِ التَّكْمِلَةُ، وَاعْتُبِرَ الْأَصْلُ مِنْ غَيْرِ مَزِيدٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّا لَوْ قَدَّرْنَا تَقْدِيرًا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ التَّكْمِيلِيَّةَ تَحْصُلُ مَعَ فَوَاتِ الْمَصْلَحَةِ الْأَصْلِيَّةِ، لَكَانَ حُصُولُ الْأَصْلِيَّةِ أَوْلَى٣ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ.

وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ حِفْظَ الْمُهْجَةِ مُهِمٌّ كُلِّيٌّ، وَحِفْظُ الْمُرُوءَاتِ مُسْتَحْسَنٌ، فَحَرُمَتِ النَّجَاسَاتُ حِفْظًا لِلْمُرُوءَاتِ، وَإِجْرَاءً لِأَهْلِهَا عَلَى مَحَاسِنِ الْعَادَاتِ، فَإِنْ٤ دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى إِحْيَاءِ الْمُهْجَةِ بِتَنَاوُلِ النَّجِسِ، كَانَ تَنَاوُلُهُ أَوْلَى.

وَكَذَلِكَ أَصْلُ الْبَيْعِ ضَرُورِيٌّ، وَمَنْعُ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ مُكَمِّلٌ، فَلَوِ اشْتَرَطَ نَفْيَ الْغَرَرِ جُمْلَةً لَانْحَسَمَ بَابُ الْبَيْعِ، وكذلك الإجارة ضرورية أو حاجية٥،


١ في الأصل أدخل كلام من المسألة الثانية في هذا الموضع!
٢ في نسخة "ماء": "عند أصل ذلك".
٣ أي: تحصيلها أولى بالاعتبار، فيجب أن تترجح على التكميلية، لأن حفظ المصلحة يكون بالأصل، وغاية التكميلية أنها كالمساعد لما كملته، فإذا عارضته، فلا تعتبر. "د".
٤ في "م": "فإذا".
٥ قد تكون الإجارة ضرورية كالاستئجار لإرضاع من لا مرضعة له وتربيته، وقد تكون حاجية وهو الأكثر، ومثله يقال في البيع وسائر المعاملات باعتبار توقف حفظ أحد الضروريات الخمسة أو عدم التوقف. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>