للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْمَوْصُوفَ لَا يَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ، فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّهُ يُضَاهِيهِ.

مِثَالُ ذَلِكَ الصَّلَاةُ إِذَا بَطَلَ مِنْهَا الذِّكْرُ أَوِ الْقِرَاءَةُ أَوِ التَّكْبِيرُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ مِنْ أَوْصَافِهَا١ لِأَمْرٍ، لَا يُبْطِلُ أَصْلَ الصَّلَاةِ.

وَكَذَلِكَ إِذَا ارْتَفَعَ اعْتِبَارُ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ، لَا يَبْطُلُ أَصْلُ الْبَيْعِ، كَمَا فِي الْخَشَبِ، وَالثَّوْبِ الْمَحْشُوِّ، وَالْجَوْزِ، وَالْقَسْطَلِ، وَالْأُصُولِ الْمُغَيَّبَةِ فِي الْأَرْضِ، كَالْجَزَرِ وَاللِّفْتِ، وَأُسُسِ الْحِيطَانِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ٢.

وَكَذَا٣ لَوِ ارْتَفَعَ اعْتِبَارُ الْمُمَاثِلَةِ فِي الْقِصَاصِ، لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الْقِصَاصِ، وَأَقْرَبُ الْحَقَائِقِ إِلَيْهِ الصِّفَةُ مَعَ الْمَوْصُوفِ، فَكَمَا أَنَّ الصِّفَةَ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِهَا بُطْلَانُ الْمَوْصُوفِ [بِهَا] ٤، كَذَلِكَ مَا نَحْنُ فِيهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ ذَاتِيَّةً بِحَيْثُ صَارَتْ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْمَوْصُوفِ، فَهِيَ إِذْ ذَاكَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْمَاهِيَّةِ، وَقَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ ذَلِكَ الْأَصْلِ، وَيَنْخَرِمُ الأصل بانخرام قاعدة من قواعده، كما [نقول] ٥ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَحْوِهِمَا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَنْخَرِمُ مِنْ أَصْلِهَا بِانْخِرَامِ شَيْءٍ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَادِرِ عَلَيْهَا، هَذَا لَا نَظَرَ فيه، والوصف


١ أي: مما ليس ركنا فيها كما يأتي بيانه. "د".
٢ أكثر البيوع لا تخلو عن الغرر اليسير، ولهذا كان من المعفو عنه، وقيد الإمام المازري العفو بشرطين: أحدهما أن يكون ذلك اليسير غير مقصود، وثانيهما أن تدعو إليه الضرورة، وقدح ابن عبد السلام في هذا الشرط بأنه يقتضي أن تكون أكثر البيوع رخصة وهو باطل، وأجاب الشيخ ابن عرفة بأن الرخصة ما شرع عند الحاجة خاصة كأكل الميتة، وأما ما جاء عند الحاجة لكل الناس وفي كل الأزمنة، فليس برخصة "خ".
٣ في الأصل: "وكذلك".
٤ ليست في الأصل.
٥ سقطت من "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>