للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي شَأْنُهُ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْمُحَسِّنَاتِ وَلَا مِنَ الْحَاجِيَّاتِ، بَلْ هُوَ١ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ.

لَا يُقَالُ: إِنَّ مِنْ أَوْصَافِ الصَّلَاةِ مَثَلًا الْكَمَالِيَّةِ أن لا تَكُونَ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ، وَكَذَلِكَ الذَّكَاةُ مِنْ تمامها أن لا تكون بسكين مغصوبة وما أشبه، وَمَعَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ بِبُطْلَانِ أَصْلِ الصَّلَاةِ وَأَصْلِ الذَّكَاةِ، فَقَدْ عَادَ بُطْلَانُ الْوَصْفِ بِالْبُطْلَانِ عَلَى الْمَوْصُوفِ، لِأَنَّا نَقُولُ: مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَالذَّكَاةِ، فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْمُقَرَّرِ بَنَى، وَمَنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ فَبَنَى٢ عَلَى اعْتِبَارِ هَذَا الْوَصْفِ كَالذَّاتِيِّ، فَكَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي نَفْسِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا، مِنْ حَيْثُ كَانَتْ أَرْكَانُهَا كُلُّهَا- الَّتِي هِيَ أَكْوَانٌ- غَصْبًا، لِأَنَّهَا أَكْوَانٌ حاصلة في الدار المغصوبة، وتحريم الغصب٣ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى تَحْرِيمِ الْأَكْوَانِ، فَصَارَتِ الصَّلَاةُ نَفْسُهَا مَنْهِيًّا عَنْهَا، كَالصَّلَاةِ فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ٤، وَالصَّوْمِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ٥.

وَكَذَلِكَ الذَّكَاةُ حِينَ صَارَتِ السِّكِّينُ مَنْهِيًّا عَنِ الْعَمَلِ بِهَا لِأَنَّ الْعَمَلَ بِهَا غَصْبٌ، كَانَ هَذَا الْعَمَلُ الْمُعَيَّنُ وَهُوَ الذَّكَاةُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَصَارَ أَصْلُ الذَّكَاةِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَعَادَ الْبُطْلَانُ إِلَى الْأَصْلِ بِسَبَبِ بطلان وصف ٦ ذاتي بهذا الاعتبار.


١ كذا في الأصل و"ط"، وفي النسخ المطبوعة بدلا من "بل هو": "ولا".
٢ في "ط": "فبناء".
٣ هكذا في الأصل، و"ط" ونسختي "م" و"خ"، وفي "د": "الأصل".
٤ سيأتي ذلك "ص ٥١٦".
٥ ورد النهي في أحاديث كثيرة أشهرها ما أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب مسجد بيت المقدس، ٣/ ٧٠/ رقم ١١٩٧، وكتاب الصيام، باب صوم يوم الفطر، ٤/ ٢٣٩/ رقم ١٩٩١، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الصيام، باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، ٢/ ٧٩٩، ٨٠٠/ رقم ٨٢٧" عن أبي سعيد الخدري أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر.
وستأتي في الباب أحاديث أخر عند المصنف، انظر: "٣/ ٤٠٤، ٤٦٩".
٦ كذا في النسخ المطبوعة و"ط"، وفي الأصل: "أصل ذاتي".

<<  <  ج: ص:  >  >>