للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما ظنه، فالضرر١ لَاحِقٌ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، فَحُكْمُ المصوب ههنا حُكْمُ الْمُخَطِّئِ

وَإِنَّمَا يَكُونُ٢ التَّنَاقُضُ وَاقِعًا إِذَا عُدَّ الرَّاجِحُ مَرْجُوحًا مِنْ نَاظِرٍ وَاحِدٍ، بَلْ هُوَ مِنْ نَاظِرَيْنِ، ظَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعِلَّةَ الَّتِي بَنَى عَلَيْهَا الْحُكْمَ مَوْجُودَةً فِي الْمَحَلِّ بِحَسَبِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عِنْدَهُ وَفِي ظَنِّهِ٣، لَا مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ، إِذْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِلَّا فِي مسائل الإجماع٤، فههنا اتَّفَقَ الْفَرِيقَانِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا بَعْدُ، فَالْمُخَطِّئَةُ حَكَمَتْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ هُوَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عِنْدَهُ وَفِي ظَنِّهِ، وَالْمُصَوِّبَةُ حكمت بناء على أن لاحكم فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، بَلْ هُوَ مَا ظَهَرَ الْآنَ، وَكِلَاهُمَا بانٍ حكمَه عَلَى عِلَّةٍ مَظْنُونٍ بِهَا أَنَّهَا كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

وَيَتَّفِقُ ههنا مَنْ يَقُولُ بِاعْتِبَارِ الْمَصَالِحِ لُزُومًا أَوْ تُفَضُّلًا، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَصَالِحَ وَالْمَفَاسِدَ مِنْ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ٥، أَوْ لَيْسَتْ مِنْ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ٦، وَهَذَا مَجَالٌ يَحْتَمِلُ بَسْطًا أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، وَهُوَ مِنْ مَبَاحِثِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَإِذَا ثَبَتَ


١ كذا في "ط"، وفي غيره: "فلا ضرر"، وكتب "د": "كان المناسب أن يقول: ففيه ضرر لاحق به في الدنيا أو الآخرة".
٢ هو روح الجواب عن قوله: "لأن القاعدة العقلية أن الراجح ... إلخ"، وقوله "من نظر واحد" أي: أو من ناظرين يعتبران الواقع ونفس الأمر في ذاته بقطع النظر عن الظن. "د".
٣ توكيد لقوله: "ظن كل واحد.... إلخ"، وتمهيد لقوله: "لا ما هو عليه في نفسه"، أي: الذي لو كان لكان التناقض حاصلا. "د" وفي "ط": "وظنه لا على ما....".
٤ أي: الإجماع القطعي السند لأن الجميع قاطع فيه بأن العلة كذا ١في نفس الأمر، أما الإجماع الظني السند؛ فالاتفاق فيه على أن العلة كذا في نفس الأمر من باب المصادفة فقط، وإلا، فالمعتبر فيه ظن كل واحد عنه نفسه أنها العلة، كمواضع الخلاف، ولكن اتفق اتحاد ظنهم ذلك. "د".
"٥، ٦" هو الخلاف بين القدماء من المعتزلة وغير القدماء منهم في أن الحسن والقبح من ذات الفعل أو من صفة عارضة. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>