للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا، لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى الِاعْتِذَارِ الَّذِي اعْتَذَرَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَارْتَفَعَ إِشْكَالُ الْمَسْأَلَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

وَتَأَمَّلْ، فَإِنَّ الْجُوَيْنِيَّ نَقَلَ اتِّفَاقَ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّصْوِيبِ اجْتِهَادًا وَحُكْمًا١، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَصَوُّرَ اجْتِمَاعِ قَاعِدَةِ التَّصْوِيبِ عِنْدَهُمْ مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيِّ، وَأَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى الذَّوَاتِ٢، فَكَلَامُ الْقَرَافِيِّ مُشْكِلٌ عَلَى كُلِّ تقدير، والله أعلم


١ أي: فلا يلتزمون صرف الخطأ المشار إليه بحديث الحاكم إلى الأسباب، بل يقولون إن كل مجتهد بشرطه مصيب في اجتهاده ووسائله، وفي حكمه الذي استنبطه مع أنهم يقولون بالمصالح عقلا، فيجمعون بين القول بها والتصويب، لا في الاجتهاد فقط، بل وفي نفس الحكم "د".
قلت: انظر: "البرهان" "٢/ ١٣١٦- ١٣٢٩".
٢ أي: الحسن أو القبح جاء من ذات الفعل، كما يقوله قدماء المعتزلة، فإنهم يقولون: حسن الفعل وقبحه لذات الفعل لا لصفة توجبه، وقال بعضهم: بل لصفة توجبه لا لذات الفعل.... إلخ ما قرره في هذا الخلاف، فقوله: "وأن ذلك راجع إلى الذوات" ليس من محل الاتفاق بينهم, ولكنه اختاره لأن إشكال القرافي يكون عليه أوجَه مما إذا قالوا: لصفة توجبه لا لذات الفعل، لأنه حينئذ يمكن الانفكاك. "د".
وقال "خ" "إذا كانت الوقائع منشأ للمصالح والمفاسد، وكانت الأحكام قائمة على رعايتها، فالواقعة الواحدة إنما يكون لها حكم واحد، وهو الذي يطابق ما تقتضيه مصلحتها أو مفسدتها، ومن أداه اجتهاده إلى هذا الحكم، فهو مصيب وغير مخطئ، فلا يظهر وجه استقامة القول بتصويب كل مجتهد مع القول بأن الأحكام تفصل على مقتضى المصالح والمفاسد في نفس الأمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>