للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ حُكْمٌ فِي بَابِ الْأَوَامِرِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤْخَذَ، وَكَمَا نَقُولُ فِي نَحْوِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [يُوسُفَ: ٨٢] : إِنَّ الْمَقْصُودَ: سَلْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ، وَلَكِنْ جُعِلَتِ الْقَرْيَةُ مَسْئُولَةً مُبَالَغَةً١ فِي الِاسْتِيفَاءِ بِالسُّؤَالِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَمْ ينبنِ عَلَى إِسْنَادِ السُّؤَالِ لِلْقَرْيَةِ حُكْمٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هُودٍ: ١٠٧] بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا تَفْنَيَانِ وَلَا تَدُومَانِ٢، لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ الْإِخْبَارَ بِالتَّأْبِيدِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ انْقِطَاعُ مُدَّةِ الْعَذَابِ لِلْكُفَّارِ٣ ... إِلَى أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَا يؤتى على حصرها، وإذا كان


١ فهو تقوية للمعنى المقصود، حتى كأنه لا يدع أحدا من أهلها بدون سؤال. "د".
٢ قال بعضهم: المراد بالسموات والأرض هذه الأرض المشاهدة، والكواكب والأفلاك الموجودة، وهذه تبدل وتغير قطعا كما في النصوص، وإن المراد بهذا التعليق التأبيد كما هو معهود العرب في مثله نحو: ما طلع نجم، وما غنت حمامة، مما يقصد به التأبيد لا التعليق، فكون السماوات والأرض تفنيان لا يؤثر في هذا المعنى المقصود وهو التأبيد، ولكن التعليق يقوي هذا المعنى ويوقعه في الفهم الموقع، أما على القول بأن المراد بالسموات والأرض جنسهما، وأنه لا بد من أرض وسماء للجنة والنار غير هذين، وأن التعليق على دائم يقتضي الدوام، فلا يكون مما نحن فيه، فلذا قال: "بناء على القول بأنهما تفنيان"، وبهذا تعلم أن كلام بعضهم هنا انتقال نظر، فإنه ليس الكلام في بقاء الجنة والنار وفنائهما كما هو واضح، فإن القول بأن الجنة تفن لم يقل به مسلم فضلا عن أن نبني عليه استدلالا كهذا. "د".
٣ القول بأن الجنة والنار تفنيان هو مذهب جهم بن صفوان إمام الجهمية، وقد تحطمت عقيدتهم الإسلامية على صخرة هذه المقالة، ودخلوا في زمرة المخالفين لصريح كتاب الله وسنة=

<<  <  ج: ص:  >  >>