للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا خُصُوصُ الذَّكَر ...

إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تُحْصَى كَثْرَةً، وَجَمِيعُهَا تَمَسُّكٌ بِالنَّوْعِ الثَّانِي لَا بِالنَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، ثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ مِنْ جِهَتِهِ صَحِيحٌ مَأْخُوذٌ بِهِ.

وَلِلْمَانِعِ أَنْ يَسْتَدِلَّ أَيْضًا بِأَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ الْجِهَةَ إِنَّمَا هِيَ بِالْفَرْضِ خَادِمَةٌ لِلْأُولَى وَبِالتَّبَعِ لَهَا، فَدَلَالَتُهَا عَلَى مَعْنًى إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ حَيْثُ هِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِلْأُولَى، وَمُقَوِّيَةٌ لَهَا، وَمُوَضِّحَةٌ لِمَعْنَاهَا، وَمُوقِعَةٌ لَهَا مِنَ الْأَسْمَاعِ مَوْقِعَ الْقَبُولِ، وَمِنَ الْعُقُولِ مَوْقِعَ الْفَهْمِ، كما تقول فِي الْأَمْرِ الْآتِي لِلتَّهْدِيدِ أَوِ التَّوْبِيخِ، كَقَوْلِهِ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} [فُصِّلَتْ: ٤٠] .

وَقَوْلِهِ: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدُّخَانِ: ٤٩] .

فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْأَمْرُ١، وَإِنَّمَا هُوَ مُبَالَغَةٌ في التهديد أو الخزي،


١ أي: فليس المقصود المعنى الأصلي، والتهديد مثلا هو المعنى التبعي، وأن كلا منهما* يأخذ منه حكم، بل المعنى المقصود هنا في الحقيقة هو التهديد مثلا، أما طلب الفعل، فليس مقصودا، وكأن المعنى الأصلي هو المقوي للمعنى التبعي، وهذا وإن كان عكس ما قرره، إلا أنه يفيد أنهما لا ينفكان في الدلالة على المعنى المقصود وتقويته ووقوعه الموقع من الفهم، ولو قال ذلك، لكان أتم، ولعله يقول: إن الصيغة موضوعة** للتهديد، وأنه معنى أصلي لها أيضا، والأمر هو المعنى الثانوي مبالغة في التهديد. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>