للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آلِ عِمْرَانَ: ٥٤] .

{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا، وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطَّارِقِ: ١٥، ١٦] .

إِلَى أَشْبَاهِ ذَلِكَ، فَلَا اعْتِرَاضَ بِمِثْلِ ذَلِكَ.

فَصْلٌ ١:

وَقَدْ تَكُونُ الْمَشَقَّةُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ خَارِجٍ، لَا بِسَبَبِهِ، وَلَا بِسَبَبِ دُخُولِهِ فِي عَمَلٍ تَنْشَأُ عنه، فههنا لَيْسَ لِلشَّارِعِ قَصْدٌ فِي بَقَاءِ ذَلِكَ الْأَلَمِ وَتِلْكَ الْمَشَقَّةِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهَا، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ فِي التَّسَبُّبِ فِي إِدْخَالِهَا عَلَى النَّفْسِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُؤْذِيَاتِ وَالْمُؤَلِّمَاتِ خَلْقَهَا اللَّهُ تَعَالَى ابْتِلَاءً لِلْعِبَادِ وَتَمْحِيصًا٢، وَسَلَّطَهَا عَلَيْهِمْ كَيْفَ شَاءَ وَلِمَا شَاءَ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٢٣] ، وَفُهِمَ مِنْ مَجْمُوعِ الشَّرِيعَةِ الْإِذْنُ فِي دَفْعِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ رَفْعًا٣ لِلْمَشَقَّةِ اللَّاحِقَةِ، وَحِفْظًا عَلَى الْحُظُوظِ الَّتِي أَذِنَ لَهُمْ فيها، بل


= والمكر ونحوها إليه سبحانه من إطلاق الفعل عليه تعالى، والفعل أوسع من الاسم، ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالا لم يتسم منها بأسماء الفاعل، كأراد وشاء وأحدث، ولم يسم بـ "المريد". و"الشائي" و"المحدث"، كما لم يسم نفسه بـ "الصانع" و"الفاعل" و"المتقن"، وغير ذلك من الأسماء التي أطلق أفعالها على نفسه، فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء، وقد أخطأ أقبح الخطأ من اشتق له من كل فعل اسما، وبلغ بأسمائه زيادة على الألف، فسماه: الماكر، والمخادع، والفاتن، والكائد، ونحو ذلك، وكذلك باب الإخبار عنه بالاسم أوسع من تسميته به، فإنه يخبر عنه بأنه شيء موجود ومذكور ومعلوم ومراد، ولا يسمى بذلك".
وانظر في إثبات هذا الصفات أيضا: "مختصر الصواعق المرسلة" "٢/ ٣٢-٣٤"، و"طريق الهجرتين" "٤٢٧-٤٢٩"، و"أقاويل الثقات" "٧٢".
١ هذا مقابل لسائر ما تقدم في موضوع لحوق المشقات تكميلا للمقام. "د".
٢ انظر ما تقدم "٢/ ٤٥".
٣ في "ط": "ورفعا" بواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>