للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدواء" ١، وأما إن ثبتت٢ الْإِبَاحَةُ، فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ.

وَهُنَا انْقَضَى الْكَلَامُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ٣ مِنْ أَوْجُهِ الْمَشَقَّاتِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ، وَبَقِيَ الْكَلَامُ عَلَى الْوَجْهِ الرَّابِعِ، وذلك مشقة مخالفة الهوى، وهي:


١ مضى تخريجه "١/ ٢١٧" من حديث أسامة بن شريك، وهو حديث صحيح.
وأخرج البخاري في "صحيحه" "كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، ١٠/ ١٣٤/ رقم ٥٦٧٨" عن أبي هريرة مرفوعا: "وما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء".
٢ في الأصل: "ثبت".
٣ عقد المسألة السابقة لمسمى لفظ المشقة في الوجه الثالث، فتكلم عنه في أولها، وفرق بين ما يعد مشقة معتادة وما لا يعد، وإن كان فيه كلفة، وانجر به الكلام إلى أن الشارع لا يقصد المشقة المعتادة الحاصلة في التكاليف، كما لا يقصد غير المعتادة، بل يقصد الفعل من جهة كونه مصلحة عائدة على المكلف فقط، ثم رتب على ذلك في الفصل الأول أنه ليس للمكلف أن يقصد المشقة في التكليف نظرا إلى عظم أجرها، ثم ذكر في الفصل الثاني أن الأعمال المأذون فيها إذا تسبب عنها مشقة، فإما أن تكون معتادة، أو غير معتادة، وتوسع في تفاصيل غير المعتادة التي هي محل مشروعية الرخص، وخارجة عما عقدت له المسألة، ثم مد النفس في تفاصيل غير المعتادة التي تتسبب عن العبادة، إما لخوف الانقطاع عن العمل أو كراهيته، وإما لمزاحمة الوظائف المطلوبة من العبد بعضها لبعض، وذلك في الفصلين الثاني والثالث، ثم أكمل المقام في الفصل الرابع بالأفعال غير المأذون فيها في مقابلة موضوع الفصل الثاني الذي قيده بالمأذون فيها، ثم ذكر فصلا خامسا لمجرد إكمال الكلام في مطلق المشقة، وبمراجعة هذه الفصول لا تجد منها فصلا خاصا بالوجه الثالث، بل عنايته كما رأيت بالوجهين الاول والثاني أكر من عنايته بالوجه الثالث وما يشبهه، الذي فيه المشقة غير معتادة، ولكنها صارت عند قوم كالمعتادة، ثم قال في آخر المسألة: "وهنا انقضى الكلام على الوجه الثالث"، فهذا الصنيع غير موجه، وكان يحسن به أن يضع كل مبحث مما اشتملت عليه تلك الفصول في محله الخاص به من تلك الوجوه الثلاثة حتى تمتاز المباحث بعضها عن بعض ويظهر ارتباطها بتلك الوجوه. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>