للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، فَالْمَشَقَّةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِلشَّارِعِ تَكُونُ غَيْرَ مَطْلُوبَةٍ، وَلَا الْعَمَلُ الْمُؤَدِّي إِلَيْهَا١ مَطْلُوبًا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، فَقَدْ نَشَأَ هُنَا نَظَرٌ فِي تَعَارُضِ مَشَقَّتَيْنِ، فَإِنَّ الْمُكَلَّفَ إِنْ لَزِمَ مِنِ اشْتِغَالِهِ بِنَفْسِهِ فَسَادٌ وَمَشَقَّةٌ لِغَيْرِهِ، فَيَلْزَمُ أَيْضًا مِنَ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهِ فَسَادٌ وَمَشَقَّةٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَصَدَّى النَّظَرُ فِي وَجْهِ اجْتِمَاعِ الْمَصْلَحَتَيْنِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَشَقَّتَيْنِ إِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ٢ وَإِنْ لَمْ يُمَكِنْ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّرْجِيحِ، فَإِذَا كَانَتِ الْمَشَقَّةُ الْعَامَّةُ أَعْظَمَ، اعْتُبِرَ جَانِبُهَا وَأُهْمِلَ جَانِبُ الْخَاصَّةِ٣، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ، فَالْعَكْسُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحٌ، فَالتَّوَقُّفُ كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ التَّعَارُضِ وَالتَّرْجِيحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.


١أي: إلى المشقة الخارجة عن المعتاد، كما سبق وكما هو مساق كلام المؤلف هنا، أو يقال: إن العمل المؤدي إلى المشقة من حيث تأديته إليها لا يطلب، والطلب إنما هو من جهة كونه مصلحة كما سبق مثله. "د".
٢ كأن تكون مشقته من حيث عيش عياله، فتقوم له الأمة بذلك ويقوم لها بوظيفة القضاء أو العلم أو الجندية التي تتضرر بعدمها، وبهذا تجتمع المصلحتان وتنتفي المشقتان. "د".
٣ كما إذا كان التعارض بين وظيفة عامة تتعين عليه، وبين مهم ديني غير متأكد عليه.
"د".

<<  <  ج: ص:  >  >>