للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله مفعولا؛ فدل١ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْمُسْتَبَانَةِ شاهدٌ قَوْلِهِ: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: ٧٢] .

فَسُبْحَانَ مَنْ أَجْرَى الْأُمُورَ بِحِكْمَتِهِ وَتَقْدِيرِهِ، عَلَى وَفْقِ عِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَمَقَادِيرِهِ؛ لِتَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَى الْعِبَادِ فِيمَا يَعْمَلُونَ، لَا يُسأل عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ!

وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، الصَّادِقُ الْأَمِينُ، المبعوثُ رَحْمَةً لِلْعَالِمِينَ، بِمِلَّةٍ حَنِيفِيَّةٍ، وَشِرْعَةِ الْحَاكِمِينَ٢ بِهَا حَفِيَّةً، يَنْطِقُ بِلِسَانِ التَّيْسِيرِ بَيَانُهَا، ويعرِّف أَنَّ الرِّفْقَ خَاصِّيَّتُهَا وَالسَّمَاحَ شَأْنُهَا؛ فَهِيَ تَحْمِلُ الْجَمَّاءَ الْغَفِيرَ ضَعِيفًا وَقَوِيًّا، وَتَهْدِي الْكَافَّةَ فَهِيمًا وَغَبِيًّا، وَتَدْعُوهُمْ بِنِدَاءٍ مُشْتَرِكٍ دَانِيًا وَقَصِيًّا، وَتَرْفُقِ بِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ مُطيعا وَعَصِيًّا، وَتَقُودُهُمْ بِخَزَائِمِهِمْ٣ مُنْقَادًا وَأَبِيًّا، وتُسوي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْعَدْلِ شَرِيفًا وَدَنِيًّا، وتُبوئ حَامِلَهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَكَانًا عَلِيًّا، وَتُدْرِجُ النُّبُوءَةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، وتُلبس الْمُتَّصِفِ بِهَا مَلْبَسًا سَنِيًّا، حَتَّى يَكُونَ لِلَّهِ وَلِيًّا؛ فَمَا أَغْنَى مَنْ وَالَاهَا وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا، وَمَا أَفْقَرَ مَنْ عَادَهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا.

فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدْعُو بِهَا وَإِلَيْهَا٤، ويبث للثقلين ما لديها، ويناضل


١ في "د": "دل"، وما أثبتناه من الأصل و"خ" و"م".
٢ في النسخ المطبوعة: "شرعة بالمكلفين"، والمثبت من الأصل.
٣ جمع خِزامة، وهي حلقة من شعر تُجعل في وترة أنف البعير يُشد فيها الزمام. انظر: "مختار الصحاح" "خ ز م".
٤ يتحقق هذا المعنى بالنظر إلى القرآن الذي هو مطلع الشريعة الغراء؛ فإنه من جهة اشتماله على الحجج المحكمة والمواعظ الحسنة مدعو به، ومن حيث تقريره للعقائد والأحكام والآداب مدعو إليه "خ".

<<  <  ج: ص:  >  >>