للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِبَرَاهِينِهَا عَلَيْهَا، وَيَحْمِي بِقَوَاطِعِهَا جَانِبَيْهَا، بَالِغَ الْغَايَةِ فِي الْبَيَانِ، بِقَوْلِهِ١ بِلِسَانِ حَالِهِ وَمَقَالِهِ: "أَنَا النَّذِيرُ العُريان" ٢ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ؛ الَّذِينَ عَرَفُوا مَقَاصِدَ الشَّرِيعَةِ فحصَّلوها، وَأَسَّسُوا قَوَاعِدَهَا وأصَّلوها، وَجَالَتْ أَفْكَارُهُمْ فِي آيَاتِهَا، وأعملوا الجد في تحقيق مبادئها وَغَايَاتِهَا، وَعُنُوا بَعْدَ ذَلِكَ بِاطِّرَاحِ الْآمَالِ، وشفَّعوا الْعِلْمَ بِإِصْلَاحِ الْأَعْمَالِ، وَسَابَقُوا إِلَى الْخَيِّرَاتِ فَسَبَقُوا٣، وَسَارَعُوا إِلَى الصَّالِحَاتِ فَمَا لُحِقُوا، إِلَى أَنْ طَلَعَ فِي آفَاقِ بَصَائِرِهِمْ شَمْسُ الْفُرْقَانِ، وَأَشْرَقَ فِي قُلُوبِهِمْ نُورُ الْإِيقَانِ؛ فَظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكَمِ مِنْهَا عَلَى اللِّسَانِ، فَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ، وَكَيْفَ لَا وَقَدْ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ قَرَعَ ذَلِكَ الْبَابَ، فَصَارُوا خَاصَّةَ الْخَاصَّةِ وَلُبَابَ اللُّبَابِ، وَنُجُومًا يَهْتَدِي بِأَنْوَارِهِمْ أُولُو الْأَلْبَابِ؟! رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَعَنِ الَّذِينَ خَلَفُوهُمْ قُدْوَةً لِلْمُقْتَدِينَ، وَأُسْوَةً لِلْمُهْتَدِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ؛ أَيُّهَا الْبَاحِثُ عَنْ حَقَائِقِ أَعْلَى الْعُلُومِ٤، الطَّالِبُ لِأَسْنَى نَتَائِجِ الحُلوم، الْمُتَعَطِّشُ إِلَى أَحْلَى مَوَارِدِ الْفُهُومِ، الْحَائِمُ حَوْلَ حِمًى ظاهر المرسوم؛


١ في النسخ المطبوعة: "يقول"، والمثبت من الأصل.
٢ قطعة من حديث أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي ١١/ ٣١٦/ رقم ٦٤٨٢، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله, صلى الله عليه وسلم، ١٣/ ٢٥٠/ رقم ٧٢٥٣"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الفضائل, باب شفقته -صلى الله عليه وسلم- على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم، ٤/ ١٧٨٨-١٧٨٩/ رقم ٢٢٨٣" من حديث أبي موسى مرفوعا: "إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه، فقال: يا قوم! إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العُريان؛ فالنجاء ... ".
٣ في الأصل: "فتسبقوا"، وله وجه كما في "اللسان" "س ب ق".
٤ تتفاضل العلوم على حسب شرف غايتها، أو قوة دلائلها، أو كمال موضوعاتها؛ ولهذا كان أشرف العلوم وأرفعها منزلة علم التوحيد، ثم ما ينبني عليه من سائر علوم الشريعة "خ".

<<  <  ج: ص:  >  >>