للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ فُرِضَ هَذَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ١، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الضَّرْبَ قِسْمَانِ:

قِسْمٌ يَكُونُ الْقِيَامُ بِالْمَصَالِحِ فِيهِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، كَقِيَامِهِ بِمَصَالِحِ نَفْسِهِ مُبَاشَرَةً.

وَقِسْمٌ يَكُونُ الْقِيَامُ بِالْمَصَالِحِ فِيهِ بِوَاسِطَةِ الْحَظِّ فِي الْغَيْرِ، كَالْقِيَامِ بِوَظَائِفِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَوْلَادِ، وَالِاكْتِسَابِ بِمَا لِلْغَيْرِ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، كَالْإِجَارَاتِ، وَالْكِرَاءِ، وَالتِّجَارَةِ، وَسَائِرِ وُجُوهِ الصَّنَائِعِ وَالِاكْتِسَابَاتِ، فَالْجَمِيعُ يَطْلُبُ الْإِنْسَانُ بِهَا حَظَّهُ فَيَقُومُ بِذَلِكَ حَظُّ الْغَيْرِ، خِدْمَةً دَائِرَةً بَيْنَ الْخَلْقِ، كَخِدْمَةِ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ بَعْضًا حَتَّى تَحْصُلَ الْمَصْلَحَةُ لِلْجَمِيعِ.

وَيَتَأَكَّدُ الطَّلَبُ فِيمَا فِيهِ حَظُّ الْغَيْرِ عَلَى طَلَبِ حَظِّ النَّفْسِ الْمُبَاشِرِ، وَهَذِهِ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ، وَلَمَّا كَانَ النَّظَرُ هَكَذَا، وَكَانَتْ جِهَةُ الدَّاعِي كَالْمَتْرُوكَةِ٢ إِلَى مَا يَقْتَضِيهِ، وَكَانَ مَا يُنَاقِضُ الدَّاعِيَ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ٣، بل هو على الضد من ذلك.


١ فالتكسب لنفقة هؤلاء واجب. "د".
٢ فلم توجب، بل ندب إليها، أو ذكرت في معرض الإباحة. "د".
٣ أي: لما كان الداعي هو المتسلط وحده على الإنسان يدعوه إلى طلب المصلحة ودرء المفسدة من أي طريق كان، وكان ما يناقض الداعي وهو ما يقتضي عدم الدخول في طلب مصلحته ودرء مفسدته ليس له من جهة الطبع ما يخدمه ويعين عليه، صار من الحكمة تخفيف وطأة هذا الداعي بالزواجر الشديدة عن السير وراء الداعي في كل شيء ليقف عند حد عدم المساس بحقوق الغير. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>