للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَارِهَاتِ، وَنِكَاحَ الْجَمِيلَاتِ قَدْ تَضَمَّنَ سَدَّ الْخَلَّاتِ وَالْقِيَامَ بِضَرُورَةِ الْحَيَاةِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ إِقَامَةَ الْحَيَاةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ ضَرُورِيٌّ لَا حَظَّ فِيهِ.

وَأَيْضًا، فَإِنَّ فِي اكْتِسَابِهِ بِالتِّجَارَاتِ وَأَنْوَاعِ البِيَاعَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُعَامَلَةٌ بَيْنَ الْخَلْقِ قِيَامًا بِمَصَالِحِ الْغَيْرِ١، وَإِنْ كَانَ فِي طَرِيقِ الْحَظِّ، فَلَيْسَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَظٌّ لَهُ يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ غَرَضٌ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مَا هُوَ طَرِيقٌ إِلَى حَظِّهِ، وَكَوْنُهُ طَرِيقًا وَوَسِيلَةً غَيْرُ كَوْنِهِ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ، وَهَكَذَا نَفَقَتُهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَسَائِرِ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ شَرَعًا مِنْ حَيَوَانٍ عَاقِلٍ وَغَيْرِ٢ عَاقِلٍ، وَسَائِرِ مَا يَتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى الْحَظِّ الْمَطْلُوبِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

وَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فِي اعْتِبَارِ حُظُوظِ الْمُكَلَّفِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قِسْمِ الْكِفَايَةِ، وَجَدْنَا الْأَعْمَالَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

قِسْمٌ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ حَظُّ الْمُكَلَّفِ بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ عَلَى حَالٍ، وَذَلِكَ الْوِلَايَاتُ الْعَامَّةُ وَالْمَنَاصِبُ الْعَامَّةُ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.

وَقِسْمٌ اعْتُبِرَ فِيهِ ذَلِكَ، وَهُوَ كُلُّ عَمَلٍ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةُ الْغَيْرِ فِي طَرِيقِ مَصْلَحَةِ الْإِنْسَانِ فِي نَفْسِهِ، كَالصِّنَاعَاتِ وَالْحِرَفِ الْعَادِيَّةِ كُلِّهَا، وَهَذَا الْقِسْمُ في الحقيقة راجع إلى مصلحة الإنسان واستجلاب٣ حَظَّهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ اسْتِجْلَابُ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فِيهِ بِالْعَرْضِ.

وَقِسْمٌ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا، فَيَتَجَاذَبُهُ قَصْدُ الْحَظِّ وَلَحْظُ٤ الْأَمْرِ الَّذِي لَا حظ


١ أي: فكما أن فيه الضروري العيني، فيه الضروري الكفائي. "د".
٢ في "ط": "أو غير".
٣ في "د": "واستجلابه".
٤ أي: وملاحظة.

<<  <  ج: ص:  >  >>