للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعدوى التي تهلك من قاربها هي المعاصي؛ فمن قاربها وخالطها وأصرّ عليها هلك، وكذلك مخالطة أهل المعاصي، ومن يحسّن المعصية ويزيّنها ويدعو إليها من شياطين الإنس، وهم أضرّ من شياطين الجنّ. قال بعض السّلف: شيطان الجنّ تستعيذ بالله منه، فينصرف؛ وشيطان الإنس لا يبرح حتّى يوقعك في المعصية. وفي الحديث: «يحشر المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل» (١). وفي حديث آخر: «لا تصحب إلاّ مؤمنا ولا يأكل طعامك إلاّ تقيّ» (٢). ومما يروى لعلي رضي الله عنه.

فلا تصحب أخا الجهل … وإياك وإياه

فكم من جاهل أردى … حكيما حين آخاه

يقاس المرء بالمرء … إذا ما المرء ما شاه

وللشيء على الشيء … مقاييس وأشباه

وللقلب على القلب … دليل حين يلقاه

فالعاصي مشئوم على نفسه وعلى غيره؛ فإنّه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعمّ النّاس، خصوصا من لم ينكر عليه عمله، فالبعد عنه متعين، فإذا كثر الخبث هلك النّاس عموما.

وكذلك أماكن المعاصي وعقوباتها يتعيّن البعد عنها، والهرب منها، خشية نزول العذاب، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه لمّا مرّ على ديار ثمود بالحجر:

«لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلاّ أن تكونوا باكين؛ خشية أن يصيبكم


(١) أخرجه: أبو داود (٤٨٣٣)، والترمذي (٢٣٧٨). وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح» والذي في «تحفة الأشراف»: «حسن غريب».
(٢) أخرجه: أحمد (٣/ ٣٨)، وأبو داود (٤٨٣٢)، والترمذي (٢٣٩٥)، وأبو يعلى (١٣١٥)، والحاكم (٤/ ١٢٨)، وابن حبان (٥٦٠)، والبغوي في «شرح السنة» (٣٤٨٤). وحسّنه الألباني في «تخريج المشكاة» (٥٠١٨).

<<  <   >  >>