للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجلس الثاني في فضل يوم عرفة مع عيد النّحر

في «الصحيحين» عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّ رجلا من اليهود قال له:

يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت، لاتّخذنا ذلك اليوم عيدا. فقال: أيّ آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} [المائدة: ٣]. فقال عمر: إنّي لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه؛ نزلت ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائم بعرفة يوم جمعة (١).

وخرّج الترمذي عن ابن عباس نحوه، وقال فيه: نزلت في يوم عيد من يوم جمعة ويوم عرفة (٢).

العيد هو موسم الفرح والسرور، وأفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا إنما هو بمولاهم، إذا فازوا بإكمال طاعته، وحازوا ثواب أعمالهم بوثوقهم بوعده لهم عليها بفضله ومغفرته، كما قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨]. قال بعض العارفين: ما فرح أحد بغير الله إلاّ بغفلته عن الله؛ فالغافل يفرح بلهوه وهواه، والعاقل يفرح بمولاه.

وأنشد سمنون في هذا المعنى:

وكان فؤادي خاليا قبل حبّكم … وكان بذكر الخلق يلهو ويمرح

فلمّا دعا قلبي هواك أجابه … فلست أراه عن فنائك يبرح


(١) أخرجه: البخاري (١/ ١٨) (٤٥)، ومسلم (٨/ ٢٣٨) (٣٠١٧)، والنسائي (٨، ٥/ ٢٥١ / ١١٤).
(٢) أخرجه: الترمذي (٣٠٤٤)، وقال: «حسن غريب من حديث ابن عباس، وهو صحيح».

<<  <   >  >>