وإذا قيل: يلزم من تفضيل العمل في هذا العشر على كلّ عشر غيره أن يكون صيام هذا العشر أفضل من صوم عشر رمضان، وقيام لياليه أفضل من قيام لياليه.
قيل: أمّا صيام رمضان فأفضل من صيامه بلا شكّ؛ فإنّ صوم الفرض أفضل من النّفل بلا تردّد، وحينئذ فيكون المراد أنّ ما فعل في العشر من فرض فهو أفضل ممّا فعل في عشر غيره من فرض، فقد تضاعف صلواته المكتوبة على صلوات عشر رمضان، وما فعل فيه من نفل فهو أفضل ممّا فعل في غيره من نفل.
وقد اختلف عمر وعلي رضي الله عنهما في قضاء رمضان في عشر ذي الحجّة، فكان عمر يستحبه لفضل أيامه، فيكون قضاء رمضان فيه أفضل من غيره، وهذا يدلّ على مضاعفة الفرض فيه على النّفل. وكان عليّ ينهى عنه. وعن أحمد في ذلك روايتان. وقد علّل قول عليّ بأنّ القضاء فيه يفوت به فضل صيامه تطوّعا، وبهذا علّله الإمام أحمد وغيره.
وقد قيل: إنه يحصل به فضيلة صيام التطوّع أيضا، وهذا على قول من يقول: إن نذر صيام شهر، فصام رمضان، أجزأه عن نذره فيه، وفرضه متوجّه، وقد علّل بغير ذلك.
وأمّا قيام لياليه وتفضيل قيامه على قيام عشر رمضان، فيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
***
الفصل الثاني في فضل عشر ذي الحجّة على غيره من أعشار الشهور
قد سبق حديث ابن عمر المرفوع:«ما من أيام أعظم عند الله ولا أحبّ إليه العمل فيهنّ من هذه الأيام العشر». وفي «صحيح ابن حبان» عن جابر عن